عند الإفراط في تسوية بعض الأطعمة في الفرن أو على الشواية نلاحظ تكون لون بني على تلك الأطعمة و خصوصاً في قاع و جوانب الإناء . بعض الناس يفضلون تناول هذا الطعام المحروق نسبياً على الأجزاء الأخرى ،على سبيل المثال يفضل معظم الناس تناول الجزء الخارجي من الكيك الإسفنجي و الذي يلامس وعاء الطهي عن الجزء الداخلي أو الحشوة . وهو سلوك قد يبدو غريباً لكن في الحقيقة له ما يبرره .
لماذا الطعام المطهي الذي يذبل باللون البني أشهى من نفس الطعام المطبوخ على نفس درجة الحرارة عبر البخار ، الغليان ، أو الميكروويف؟
إنها الكيمياء يا عزيزي ! هذا اللون البني يرجع بشكل أساسي إلى تفاعلين كيميائيين الأول يسمى تفاعل ميلارد و الثاني يسمى تفاعل الكرملة وهي تفاعلات تحدث بين مكونات الطعام عند درجات الحرارة العالية التي تتجاوز 150 درجة مئوية تقريباً لتفاعل ميلارد و 160 درجة مئوية لتفاعل الكرملة ، و هذه التفاعلات هي التي تنتج اللون البني المحبب و النكهة الغنية للأطعمة المشوية أو المطهية في الفرن.
حتى يصل الطعام إلى درجة حرارة سطح عالية ، يجب أن يكون جافًا من الخارج. كأن يتلامس مباشرة مع مقلاة ساخنة أو محاطة بهواء حار من فرن بدرجة حرارة 204 مئوية ، تتبخر جزيئات الماء على سطح الأطعمة بسرعة ، مما يؤدي إلى صوت الأزيز المألوف من الأطعمة المحمرة أو المحمصة. وبمجرد أن تتبخر كل الرطوبة ، يصبح الجزء الخارجي المجفف من الطعام ساخناً بما يكفي لتحفيز تفاعل ميلارد في دقائق معدودة.
بالطبع نحن لا نتحدث هنا عن عملية الاحتراق الكامل و التي ينتج عنها الكربون الأسود و الطعم المر بل عن الطعام الذي يتحول للبني الداكن بفضل التفاعلات السابق ذكرها.
المحرر
وعلى النقيض من ذلك ، فإن الأطعمة المطهية بالطرق الرطبة لا تصل إلا إلى 100 درجة مئوية ، وهي نقطة غليان الماء. (يمكن أن يحدث تفاعل ميلارد في درجات حرارة منخفضة ، ولكنه يستغرق وقتًا أطول بكثير ، مثلما يحدث عندما يكوّن مرق اللحم لونًا داكنًا ونكهات غنية بعد ساعات من الغليان.) لذا فإن شريحة اللحم المشوية على (135 درجة مئوية) يكون طعمها مختلفاً تمامًا عن شريحة لحم تم سلقها إلى درجة الحرارة الداخلية نفسها ، نظرًا لأن الطبقة الخارجية السابقة ستصل إلى درجة حرارة أعلى من ذلك بكثير.
تفاعل ميلارد
ما الفرق بين تفاعل ميلارد و تفاعل الكرملة ؟ يحدث تفاعل ميلارد فقط عندما يجتمع كل من البروتين والكربوهيدرات أو السكريات. عندما يتم طهيها على نار عالية ، يتحلل البروتين إلى احماض الأمينية ، والتي تتفاعل بدورها مع مجموعة من السكريات تعرف بالسكريات البسيطة. (Ribose ، التي توجد في لحم البقر ، وسمك السلمون ، والدجاج ، وأنواع عديدة من الفطر ، هي مثال على السكر البسيط). تتفاعل الأحماض الأمينية والسكريات لتكوين مركبات حلقية تعكس الضوء بشكل يعطيه اللون البني المميز . هذه التحولات تنتج أيضا مجموعة كبيرة من النكهات المتطايرة والمركبات العطرية ، والتي تتضافر مع بعضها البعض لإنتاج المزيد من المذاقات والروائح و التي تختلف بحسب نوع الطعام و تركيبه.
تفاعل الكرملة
على عكس تفاعل ميلارد ، فإن عملية الكرملة – و كما هو واضح من الاسم – هي عباره عن تحول السكر إلى كراميل ، و يحدث التفاعل نتيجة انهيار جزيئات السكر فقط تحت حرارة عالية. في تفاعل الكرملة تشكل السكريات مثل الجلوكوز والسكروز نكهات غنية تجمع ما بين الحلاوة والمرارة و طعم الجوز .
وتعتمد نسبة حدوث تفاعل ميلارد مقابل تفاعل الكرملة على نسبة السكر أو النشا إلى نسبة البروتين . فالجزر ، على سبيل المثال ، يحتوي على الكثير من السكر و القليل من البروتينات ، لذا فإن تحميص هذه الخضروات الجذرية سيؤدي إلى عمليات كرمله أكثر من حدوث تفاعلات ميلارد . من ناحية أخرى ، سوف يكون اللحم المحمص محمرًا وغنيًا في الغالب من تفاعل ميلارد بينما تكون نسبة الكرملة أقل بكثير.
لكن، لماذا لا يصلح الميكروويف للكرملة أو لتفاعل ميلارد ؟
ليست كل طرق الطهي الجافة تنتج الأطعمة ذات اللون البني والمذاق الفائق. يولد الميكروويف على سبيل المثال موجات كهرومغناطيسية ، تؤدي إلى اهتزاز جزيئات الماء داخل الأطعمة ، والتي بدورها تنتج حرارة كافية لطهي العضلات أو الأنسجة النباتية.
على عكس الهواء الساخن في الأفران التقليدية ، لا يتم تسخين الهواء في أفران الميكروويف ، لذلك لا يمكن أن تتجمع الحرارة على سطح معظم الأطعمة المطهية في الميكروويف باستثناء الشرائح الرقيقة جدا من الخضار والفاكهة حيث أنها تجفف بسهولة أثناء الطهي ، فهي قادرة على الوصول إلى درجات الحرارة العالية اللازمة لرد فعل ميلارد وحتى الكرملة.)
أضرار الطعام المحروق
- تؤدي تعريض الأطعمة النشوية بصفة خاصة للحرارة المرتفعة إلى تكون مادة الأكريلاميد، تتكون تلك المادة خلال عمليات مثل القلي ، والتحميص ، والخبز. و تتكوّن مادة الأكريلاميد من السكريات والأحماض الأمينية الطبيعية الموجودة في الطعام .
- توجد مادة الأكريلاميد بشكل رئيسي في الأغذية النباتية ، مثل منتجات البطاطس أو منتجات الحبوب أو القهوة. يبدو أن الأطعمة مثل البطاطس المقلية ورقائق البطاطس تحتوي على أعلى مستويات الأكريلاميد ، ولكنها موجودة أيضًا في الخبز ومنتجات الحبوب الأخرى. لا تتشكل مادة الأكريلاميد (أو الأشكال بمستويات أقل) في منتجات الألبان واللحوم والأسماك.
- المشاوي واللحوم المحروقة ليست أفضل حالاً كما قد تظن ، تشير بعض الأبحاث إلى أن اللحم المحروق قد يزيد من خطر الإصابة بالسرطان حيث تتشكل مواد تسمى الأمينات الحلقية غير المتجانسة في الأطعمة التي يتم طهيها في درجات حرارة عالية ( خصوصاً في حالة اسودادها أو تفحمها)،أثبتت الدراسات على الحيوانات أن الأمينات غير المتجانسة هي من مسببات السرطان أيضاً.
خلاصة :
- عند تعرض الأطعمة للحرارة العالية فإن السكريات و البروتينات تتفاعل و تنتج خليطاً من النكهات المميزة و التي تتواجد بشكل ملحوظ على السطح الخارجي للأطعمة المطهية باستخدام الأفران أو باستخدام الشوايات .
- على الرغم من أن الأطعمة التي تتعرض للحرارة العالية تنتج نكهات تجعلها أشهى إلا أن الأمر لا يخلو من العيوب حيث قد تؤدي تلك الحرارة العالية أيضاً لتكون مواد مسرطنة قد تكون ضارة مع الاستهلاك المتكرر لفترة طويلة و على المدى البعيد لذا فالأفضل دائماً هو الاعتدال وتجنب تناول الطعام المحترق بشكل كبير لتقليل الضرر.
مصادر
https://www.scienceofcooking.com/browning_of_foods.htm
https://www.slate.com/blogs/browbeat/2013/07/25/why_does_food_taste_better_when_it_s_browned_the_maillard_reaction_and_caramelization.html
https://www.cancer.org/cancer/cancer-causes/acrylamide.html
https://www.cancercouncil.com.au/21639/cancer-information/cancer-risk-and-prevention/healthy-weight-diet-and-exercise/meat-and-cancer/
اترك تعليقاً