هل بطاريات الماس المشعة التي يمكنها العمل لـ 28 ألف عام وآمنة على البشر شيء حقيقي ؟
لطالما حلم البشر ببطاريات آمنة لا تنضب من المواد المشعة وهي فرضية موجودة و مستخدمة بالفعل في الفضاء . لكن لماذا المواد المشعة تحديداً وهل يسعى البشر حقاً لإنتاج بطاريات مشعة من الماس ؟ هل يمكن لهذه التقنية أن توجد يوماً ؟
في الحقيقة من الناحية النظرية فإن انتاج بطاريات الماس المشعة ممكن لكن حتى الآن لم يحدث ذلك ولكي نفهم الأمر بشكل أكثر عمقاً تعالوا نناقش المبدأ العلمي الذي بزغت منه فكرة الماس المشع .
في الحقيقة فإن الماس والجرافيت الموجود في الأقلام الخشبية ( المسماة بهتاناً بأقلام الرصاص) هما صورتين لشيء واحد “الكربون” !
الإختلاف بينهما هو في ترتيب ذرات الكربون ففي حالة الماس يكون الترتيب البلوري لذرات الكربون شديد القوة و التماسك بعكس الجرافيت الذي يكون ترتيب ذراته أكثر عشوائية وأقل تماسكاً وفي حين أن الماس شديد الصلابة وصعب الخدش يكون الجرافيت هشاً وسهل الخدش والكسر إنها الفيزياء يا عزيزي !
و بالرغم من خصائص الجرافيت تلك إلا أن له دوراً في المفاعلات النووية حيث يستخدم لكبح وتهدئة التفاعلات النووية مما يتسبب في تحوله إلى كربون مشع وقد نحتاج للتخلص منه بعد سنوات باعتباره نوعاً من النفايات الخطرة وأشبه بلعنة أبدية على تراب الكوكب يسعى الجميع للتخلص منها.
هنا فكر بعض العلماء في طريقة للاستفادة من هذا الكربون المشع – أو كربون 14- بدلاً من التخلص منه عن طريق تحويله إلى ألماس وهو أمر ممكن الحدوث فعلياً الآن حيث يستطيع العلماء اليوم تنمية بلورات الألماس في المعمل ضمن ظروف خاصة عبر عملية تسمى ترسيب البخار الكيميائي .
السر في اختيار الماس لعمل بطاريات ماسية هو في كونه – وبعكس الجرافيت – مادة شديدة الصلابة والصلادة لا يمكن خدشه أو كسره بسهوله مما يقلل من احتمال تشظيه في المستقبل ومن ثم تلويث البيئة المحيطة بذرات الكربون المشعة.
لكن يبقى الإشعاع المنبعث من سطح تلك الماسات خطراً قاتلاً للبشر، لحسن الحظ فإن الأشعة التي ينتجها هذا الكربون هي أشعة بيتا وهي أشعة ذات مدى قصير لا يمكنها اختراق رقاقة رفيعة من الألمونيوم بالرغم من ذلك فتأثيرها فتاك على البشر ضمن مداها القصير هذا.
تسمى هذه البطارية الماسية “خلية بيتافولتية”
ولعزل التأثير الضار فكر العلماء في جعل الغلاف الخارجي للماس من الكربون العادي غير المشع وبذلك يبقى الإشعاع حبيساً داخل البلورات وما يخرج منه يكون في صورة دفقة من الإلكترونات التي تنتزع من مسارها لتشكل تياراً كهربائياً يمكن الاستفادة منه ، فكرة ذكية أليس كذلك؟
كل ما سبق هو رائع لكنه يبقى نظرياً حتى الآن فقد تم إنتاج بطاريات مشعة من العديد من المواد لكنها تبقى ضمن نطاق استخدام ضيق وغير آمنه على البشر . أما بطاريات الماس فلم يتم انتاجها بعد وإن كانت هناك محاولات حثيثة لتسويق الفكرة .
وبصفة عامة ففي حال إنتاج هذه البطارية فإن الناتج عن بطارية بها 1 جرام من الكربون 14 المشع يعادل بطارية من نوع AA عادية ويسعى العلماء لاستخدام تلك البطارية بشكل أساسي في أجهزة دعم الحياة داخل الجسم مثل مضخات الدم و غيرها .
من يدري ربما خلال بضعة أعوام ربما تصبح قادراً على شراء ساعة ذكية ذات بطارية مشعة من الماس يرثها عشرات الأجيال من بعدك دون أن تنفد بطاريتها.
مصادر
https://www.snopes.com/fact-check/radioactive-diamond-batteries-real-thing/
https://www.wired.com/story/are-radioactive-diamond-batteries-a-cure-for-nuclear-waste/