نعرف جميعا أن الوقت نعمة من النعم التى أنعم الله بها علينا، ولكن فاز من إستغلها بشكل صحيح، ومغبون من تراخى عنها وخسرها، وضيع وقته فى أمور فارغة لا تجدى نفعاً، لذلك فإن البحث عن تنظيم وإدارة الوقت سيظل دائما محل إهتمام، وعلى مدار السنين، لأن الوقت هو الحياة.
فجميعنا يعانى ضيق الوقت، أو ضياعه، أو كثرة المهام المطلوبة منه، والإقدام على فعل تلك المهام طوال فترات زمنية طويلة، يعانى خلالها من عدم التركيز، وكثرة المشتتات، وأسباب كثيرة لضياع الوقت من الإنترنت والتليفزيون والهاتف المحمول, وغيرها.
وفى نهاية الأمر تجد الشخص لم ينجز سوى جزء بسيط جداً من المهام المطلوبة منه، ويلقى الذنب دائماً على الوقت الذى يمر بسرعة، والتى تقل بركته، وأننا أصبحنا فى عصر السرعة، بالطبع فنحن جميعاً نعانى من ذلك على مختلف شرائح المجتمع، مما يجعل منها معضلة تتوجب حلول عملية تساعدنا جميعاً على تنظيم الوقت والتحكم فيه واستغلاله أفضل إستغلال.
لذا كحل عملي نستعرض تقنية ”البومودورو” لتنظيم وإدارة الوقت والتي إستطاعت أن تحقق ناجحاً كبيراً في عدة مجالات بالرغم من بساطتها.
فهي أحد التقنيات المُخصصة لمن يعانون من التشتيت الزائد أثناء المذاكرة أو العمل كإلهاء النفس بأي شيء كالنظر إلى الموبايل أو النظر على مواقع الشبكات الإجتماعية أو أي فعل الهدف منه هو الإلهاء عن العمل الذي من المفترض القيام به.
نشأة تقنية البومودورو.
ففي عام 1980 قام “Francesco Cirillo” بفكرة عبقرية للمساعدة في المذاكرة والدراسة والعمل بدون أي مشتت وتقوم الفكرة علي فكرة التايم، تحدد وقت المهمة المراد إنجازها وليكون على سبيل المثال ساعة تحددها على مراحل 25 دقيقة ثم 5 دقائق راحة ثم 25 دقيقة عمل وهكذا حتى تنتهي المهمة المحددة.
سبب التسمية.
سُميت تقنية الطماطم بهذا الإسم لأن مبتكرها فرانشيسكو سيريلو كان يستخدم مؤقتاً على شكل ثمرة طماطم مقطوعة عندما كان طالباً في الجامعة.
مفهوم تقنية البومودورو.
تعتبر من التقنيات التى تتميز بتحديد مفهومها بشكل بسيط ومختصر لدى كل من عرفها وتابعها، وذلك لظهور ووضوح خصائصها وأبعادها، فتجد أن كل من عرف تلك التقنية تتشابه تعريفاتهم ومفاهيمهمفى الجزء الأكبر منها إن لم تكن جمعيها.
ويمكن تعريفها إجرائياً بأنها: تقنية عملية لإدارة وتنظم الوقت لأجل إتمام المهام بجودة عالية وفى وقت أقل، عن طريق تقسيم المهام الكبيرة إلى مهام صغيرة يتم إنجازها فى فترات تتحدد بـ (25) دقيقة يفصل بينها فترات راحة لا تزيد عن خمس دقائق، ويتم العمل على المهام الصغيرة حتى تكتمل المهمة الأكبر، مما يجعل أداء المهام أمراً ميسراً، كونها تقوم على التوقف المتكرر الذى يؤدى إلى زيادة فى التركيز وإسترخاء وسط أداء المهام لإستكمالها بنشاط عالى.
دواعى إستخدام تقنية البومودورو.
فعند إنجاز المهام على إختلاف أنواعها سواء مهام منزلية أو إعداد بحوث علمية لطلاب الجامعات أو أى عمل أخر يتطلب التركيز والإنجاز فى وقت محدد، وكذلك يتطلب أن يكون إعداده بجودة عالية، بالتالى لابد من عزل كافة المشتتات الأخرى الخارجية لأجل إنجاز تلك المهام، والتى منها: التليفزيون، الهاتف الجوال، الإنترنت، شبكات التواصل الإجتماعى.
لذلك فإن تقنية البومودورو تضع حلولاً عملية للتغلب على كل تلك المشتتات والمشاكل التلى تؤثر على جودة وإنجاز المهام، وتضمن إجراءها فى وقت محدد وبجودة عالية، وذلك بتنظيم العمل فى إعدادها وتقسيم المهمة إلى مهام صغيرة, وإدارة الوقت دقيقة بدقيقة، لذا نبعت من هنا دواعى إستخدام تلك التقنية، وهى على النحو التالى:
- إنجاز المهام الكبيرة والصعبة.
- إستغلال الوقت أفضل إستغلال.
- ربط تنفيذ المهمة بزمن محدد، يُلزم القيام بها فيه، مما يضمن إنجاز المهمة.
- الشعور بالوقت، وبمدى أهميته فى الحياة، لأنه هو الحياة.
محفزات أكثر.
- عزل المشتتات الخارجية وزيادة التركيز والعمل بجودة.
- حدوث توازن فى القيام بالأعمال فى الحياة بصفة عامة.
- تقسيم المهام الكبيرة إلى مهام صغيرة حتى يمكن إنجازها بسهولة ويسر.
- أهداف تقنية البومودورو.
- وتتلخص أهداف هذه التقنية في النقاط التالية:
- العمل مع عقارب الساعة، مما يمكنك من إدارة الوقت والتحكم فيه حسب المهام المطلوبة وبالتالى يمكن التغلب على العادات السلبية التى تضيع الوقت.
- التخلص من الإرهاق و المشتتات الخارجية وعدم التركيز.
- وضع أولويات للمهام الأكثر أهمية فالمهمة ثم الأقل أهمية.
- وجود فترات راحة للدماغ من العمل، فيتم الإسترخاء مما يؤدى إلى زيادة فى التركيز، وجودة فى الإنتاج.
- تنظيم العمل: من خلال إستغلال الوقت بأكلمه، للقيام بكافة المهام فى الأوقات المحددة لها.
- زيادة معدل الإنتاج: فسواء كنت عامل أو طالب، ستساعدك تلك التقنية على زيادة معدل إنتاجك السلعى كعامل، أو المعرفى والعلمى كطالب.
- تنمية الدافعية للإنجاز: فبتقسيم المهام إلى مهام أصغر يتم إنجازها حتى تكتمل المهمة الأكبر يعطى شعور لدى الفرد بالإنجاز مما يدفعه للعمل أكثر وبشكل حيوى.
- تيسير إنجاز الواجبات المدرسية.
- تنظيم أوقات المذاكرة والدراسة.
- الحد من المقاطعات الخارجية والتى تقطع على الفرد تركيزه وتدفق المعلومات لديه.
طريقة وخطوات البومودورو.
يتم تطبيق تقنية البومودورو بطريقة سهلة جداً، ويمكن توضحيها من خلال الصورة التالية والتى تم إقتباسها من الموقع الرسمى للتقنية.
الطريقة/ (من اليسار إلى اليمين):
قم بالأتى:
- حدد المهمة المطلوب القيام بها.
- اضبط البومودورو على 25 دقيقة.
- ابدأ في إنجاز المهمة حتي ينتهي الوقت المحدد، وتوقف مباشرة عنه.
- فترة راحة قصيرة لمدة ٥ دقائق، لا تفعل فيها أى شئ، فقد إسترخى.
- إن لم تنتهى المهمة عد إليها بنفس الخطوات السابقة أو ابدأ بمهمة جديدة لمدة ٢٥ دقيقة.
- كرر الطريقة أربع فترات.
- عند كل ٤ بروموداري (فترات عمل) خذ راحة من ٢٠ إلى ٣٠ دقيقة.
- في نهاية اليوم إحسب عدد فترات الطماطم التي استغرقتها في كل مهمة.
- ويجب عليك إتباع المراحل الأساسية من تخطيط ومتابعة وتسجيل العمل حتى تشعر أنك أنجزت المهام التي خططت لها من البداية
البومودورو فى حياتنا اليومية.
فمن الممكن إستخدام تلك التقنية والأدوات والبرمجيات المساعدة لها فى حياتنا اليومية بكل سهولة، فسوف تقوم بتنظيم المهام اليومية سواء على جانب العمل أو الدراسة أو المهام المنزلية، فقد تصل إلى أن تستخدمها ربات البيوت فى المنازل فى عملية إعداد الطعام، فمن الممتع أن تحدد السيدة مواعيدها داخل المطبخ وفقاً لتلك التقنية، حتى تنظم وقتها بين إعداد الطعام والإهتمام بباقى أفراد الأسرة.
تقنية تفتح الكثير والكثير من الإنجازات والأفكار التى تجعلنا أن نقوم بتوظيفها من خلالها، فما بين الحياة اليومية والعملية تبرز أهمية تلك التقنيات، لأننا جميعاً يعانى من ضياع الوقت دون فائدة تذكر، ودون عمل يُمارس، فالبومودورو يحل تلك المشكلات، ويجعلك تنظم وقتك وتنجز مهامك بكل إنتظام وجودة.
بل وتكون قادر على تقسم الوقت ما بين المهام المختلفة بكل توازن، فمن الممكن أن تستخدمها فى إنجاز المهام العملية فى المنزل، وكذلك أيضا من السهل حملها معك فى أى مكان، فسواء كانت مؤقت أو برنامج على الموبايل فهى سهلة التوافر فى أى مكان.
البومودورو فى بحوثنا العلمية.
فدائما فى بحوثنا العلمية ما نركز على التحصيل الدراسى والإنجاز والدافعية والإتجاة، فتكاد تكون معظم بحوثنا تدور فى تلك المتغيرات فى معظم المجالات التربوية، لكن من الضرورى أن لا نكون أسرى ومقيدين بتلك المتغيرات فقط، فالعالم من حولنا أحدث طفرة كبيرة جداً فى عالم المتغيرات البحثية.
فتلك التقنية تشجع العديد من الباحثين على إستخدام متغيرات مثل: تنظيم وإدارة الوقت، إدارة العمل، إنجاز المهام، العصف الذهنى الزمنى، ويعنى إجراء عملية العصف الذهنى وفقا للبومودورو، حل المشكلات المنظم، جودة الإنتاج، تنظيم المسؤليات الإجتماعية، إتقان التنظيم الذاتى، التعلم الذاتى المنظم، توقيتات التدريس، العصف الذهنى المعاكس.
البومودورو والمعلم.
من الجيد أن تتيح تلك التقنية للمعلم أن يستخدمها داخل الفصل الدراسى خلال الحصة، فمن الممكن أن يقوم بتوزيع زمن الحصة على الأهداف وفقاً لكل بومودارى، ويحدد كل فترة من فترات المؤقت بإنجاز مهمة ما، فذلك سيساعد المعلم على إنجاز مهام أكثر من طلابه، ويجعله أكثر قدرة على تحقيق الأهداف التعليمية المرجوة.
كذلك يمكن لعضو هيئة التدريس الجامعى وعضو الهيئة المعاونة أن يستخدمها فى إنجاز المحاضرات الجامعية والمحاضرات العملية “السكشنز”، وذلك لتنظيم إنجاز الدروس العلمية خلال المحاضرات، وإجراء التجارب فى المحاضرات العملية، مما يساعد أيضاً على العمل بشكل منظم، ويجعل المعلم والمتعلم فى كامل التركيز لإنجاز المهام فى الوقت المحدد لها.
البومودورو والمتعلم.
إذا ما أبحرنا فى أبعاد تلك التقنية نجد أن أعظم إستخداماتها هى خدمة المتعلم فى العديد من النواحى، ولعل من أهمها هى إستخدام تقنية الطماطم فى عملية المذاكرة والإستذكار والقيام بالواجبات المدرسية أو إعداد البحوث الجامعية، أو القيام بالأنشطة الإلكترونية، فهى تقوم بتنظيم وقت المتعلم ما بين المذاكرة واللعب والجلوس على الإنترنت، حتى لا يستغرق فى أى عمل يلهى وقته، ويضيع عليه إنجاز المهام المطلوبة منه.
كذلك من السهل أيضاً إستخدامها فى عملية الإمتحانات والإختبارات سواء التقليدية أو الإلكترونية، فيقوم الطالب بتحديد زمن إجابة لكل سؤال من خلال تلك التقنية، حتى لا يضيع عليه زمن الإجابة فى الإجابة على سؤال دون الأخر، فالبوموردرو يمكنه من تنظيم ذهنه وأفكاره وإستغلال وقته.
فأنت كطالب تحتاج دائماً إلى عملية تنظيم الوقت، وذلك لعدم شعور الفرد فى تلك الفترة بالوقت، ومن عيوب تلك المرحلة أيضاً هو الإنشغال بمشتتات كثيرة ومهام أكثر، لذلك تقوم تلك التقنية بجعلك تعطى تركيزك لمهمة واحدة فقط حتى إنجازها، ومن ثما تقوم بالمهمة التالية، وبذلك تؤدى كافة المهام بجودة عالية، وفى الوقت المحدد لك.
الكاتب : تامر الملاح
باحث فى مجال تكنولوجيا التعليم وتقنيات التعليم والتطور التكنولوجي المعاصر مهتم بمشكلات التعليم ووضع حلولاً لها
جمهورية مصر العربية.
[email protected]
تعليق واحد
رااااااااااائع انا عن نفسى محتاجة جدا العمل بهذه التقنية لانى بضيع وقت كتير جدا وفى الاخر لا انجز المهام فى الوقت المحدد