ربما صار طقساً يومياً أن نطالع العديد من العناوين التي تتحدث عن مخترعين عرب واختراعات لو كانت حقيقية لأهتز لها العالم وتلقفتها الصحافة العالمية والمجتمع العلمي بسعادة غامرة . لكن الحقيقة أن كثير من تلك الاختراعات ليست إلا مواد تضليل ساهم في نشرها أجهزة إعلام وصحافة لا تتمتع بالحد الأدنى من القدرة على تمييز ما هو غث مما هو ثمين.
مخترع عربي (ضع الجنسية العربية التي تلائمك!) يخترع سيارة تسير بالماء
مخترع عربي يخترع آلة يمكنها حصد طاقة مجانية.
مخترع عربي يتمكن من تحويل التراب إلى ذهب
مخترع عربي يخترع جهاز يحول اصوات الحيوانات إلى لغة مفهومة
مخترع عربي يكتشف علاج للإيدز و فيرس سي و سائر الأمراض الأخرى بضربة واحدة
أغلب تلك الاختراعات ما هي إلا مواد إعلامية تفتقد لأدنى قدر من الدقة، في بعض الأحيان يكون الأمر بشكل متعمد للتغطية على أخبار أخرى سلبية أو يكون الأمر بدوافع تفتقر إلى النزاهة مثل إعطاء شهرة لشخص ما ربما مقابل المال أو الوساطات وفي كثير من الأحيان يكون الأمر سببه قلة الخبرة و قلة المعرفة العلمية لدى المحرر خصوصاً لو اقترن الأمر بالرغبة الجامحة في تحقيق سبق صحفي مما يتسبب في أخطاء فادحة في تقييم مصداقية الأخبار العلمية قبل نشرها .
في الحقيقة هناك بعض القواعد البسيطة التي تعلمتها حتى أستطيع التفريق بين الاختراعات الوهمية المضللة والاختراعات الحقيقية سأكتبها لعل وعسى تكون الدواء الشافي لمن أدمن الضغط على زر المشاركة لا إرادياً دون تمييز.
1- القاعدة الأولى: ابحث أولاً
بمجرد أن تسمع أو تقرأ عن اختراع ما وتفهم آلية عمله (هذا إن وجدت أي معلومات حقيقية وليس كلاماً مرسلاً) . أول خطوة هي أن تبدأ باستخدام محرك البحث للتأكد من أن هذا الاختراع ليس مسروقاً من شخص آخر . بعض الناس يحصلون على طريقة لصناعة شيء ما من مواقع مثل اليوتيوب على سبيل المثال ثم يسمون ما يقدمونه اختراعاً و هو في الحقيقة مجرد تطبيق لشيء موجود بالأساس.
لا عيب في أن تقوم بتطبيق تجربة سبقك إليها آخرون فنحن بحاجة دائماً للاستفادة من تجارب الآخرين لكن أن تنسب التجربة من بدايتها لنفسك فهذا لا يجوز.
2- القاعدة الثانية: الطاقة لا تستحدث من العدم … للأسف!
إذا اخبرك شخص ما بأنه يستطيع انتاج طاقة من العدم فهو كذاب حيث ينص قانون حفظ الطاقة على أن الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من العدم ولكن تتحول من صورة إلى أخرى في أي نظام معزول هذا أيضاً معناه انه لا توجد طاقة لا نهائية أو آلات يمكنها أن تتحرك حركة أبدية بدون طاقة على كوكبنا على الأقل! .
في الحقيقة في كل مرة ستحاول خداع الطاقة للحصول على طاقة أكبر عبر تحويلها من صورة إلى أخرى فستحصل على طاقة أقل دائماً لا توجد استثناءات في هذا الأمر.
3- القاعدة الثالثة: لا يمكن بناء سفينة فضاء بمطرقة خشبية!
على سبيل المثال لا الحصر افردت صحيفة مقالاً يتحدث عن طالبة عربية تمكنت من مشاهدة الفيروسات باستخدام ابتكار خاص بها وادعت أن جهات بحثية أوروبية قد طلبتها للاستفادة من خبراتها لكنها رفضت ثم أرفقت الصحيفة صورة الطالبة وهي تنظر في مجهر ضوئي عادي!
بالإضافة لأنه لا يوجد إنجاز محدد فإن التدليس وصل إلى حد كسر قواعد علمية بحته فمن رابع المستحيلات أن يستطيع أي أنسان مشاهدة الفيروسات باستخدام مجهر ضوئي حيث تتطلب هذه الحالة مجهر إلكتروني!
النقطة التي أود القفز إليها مباشرة هي أنه من الصعب جداً أن تجد أطروحة علمية حقيقية تخرج من معمل مدرسة محلية لسبب بسيط و هو أن هذا المكان لا يملك من الإمكانات ما يمكنه من التعامل مع حقائق متقدمة. لا أزعم أن هذا مستحيل في كل الحالات لكنه احتمال صعب لاسيما في المجالات المتطورة مثل البيولوجيا الجزيئية والكيمياء الحيوية وعلوم الفلك لكن في النهاية لابد أن تلائم الأدوات العمل المنتج وإلا يكون الادعاء باطلاً.
4- القاعدة الرابعة: لكل تجربة مؤهلات
وكم من طالب في المرحلة الثانوية زفت إلينا الأخبار أنه قد تمكن من إثبات خطأ نظرية أينشتين التي ربما بالكاد درسها! لكن وعلى ما يبدو لتثبت أنك عبقري لابد لك من مهاجمة أحد العباقرة وسيتلقف ذلك أحد المحررين الأكثر منك جهلاً وسينشره في كل مكان.
خلاصة القول لا تسمحوا للمدعين أن يحصلوا على مكانة لا يستحقونها بلا إثبات حتى لو هوجمتم من المتوهمين الذين لا تستطيع عقولهم التفريق بين الحقائق والأكاذيب فهناك غيرهم كثيرين ممن يستحقون هذا الاهتمام والدعم إن أردنا التقدم بحق.