يعمل علماء المصريات في جامعة بازل السويسرية حاليا على دراسة أصبع قدم خشبي عُثر عليه في مقبرة أثرية بالقرب من مدينة الأقصرعاصمة مصر القديمة , يبلغ عمر الطرف الإصطناعي ثلاثة آلاف عام و هو يعد أحد أقدم الأطراف الإصطناعية التي عثر عليها حتى الآن .
بالبحث تبين للباحثين أن هذا الطرف التعويضي الأنيق يرجع إلى إبنة أحد الكهنة في مصر القديمة و قد صنع لها على ما يبدو لمساعدتها في المشي بسبب وجود بتر في اكبر أصابع إحدى قدميها .
أصدرت جامعة بازل بيان في يونيو 2017 قالت فيه إنه اتضح أن أصبع القدم الإصطناعي الأنيق المُرفق بحزام يخص ابنة أحد الكهنة و التي تم دفنها مع أبيها بجوار أفراد من العائلة المالكة في أحد قبور الدرجة العليا.
اشتهر المصريين القدماء بإرتداء الصنادل و بالتالي كان من الصعب ارتداء هذا النوع من الأحذية بدون ذلك الطرف الإصطناعي و الذي أظهر حرفية عالية لصانعه حيث كان يحمل تفاصيل دقيقة تشبه تفاصيل الطرف المفقود .
المجاهر الحديثة، وتقنية الأشعة السينية، والتصوير المقطعي بالكمبيوترالتي استخدمها العلماء مكنت الباحثين من القول بأن أصابع القدم قد أعيد تركيبها عدة مرات لضمان راحة من ارتدتها .
من أجل إتمام هذه الدراسة، تتعاون جامعة بازل مع المتحف المصري في القاهرة ومعهد الطب التطوري لجامعة زيورخ.
ليست هذه القطعة التعويضية الوحيدة التي يتم اكتشافها في مصر حيث يحتفظ المتحف البريطاني بطرف إصبع صناعي من مادة الكارتوناج ويعرف باسم “إصبع غريفيل تشيستر” نسبة لجامع الآثار البريطاني غريفيل تشيستر.
إصبع غريفيل تشيستر |
وقد أظهرت دراسة أجراها علماء بريطانيون عام 2011 أن الأصابع الاصطناعية المصرية ليست مجرد أطراف تجميلية، بل كانت فعالة وتؤدي الغرض الوظيفي الذي صنعت لأجله و هو المساعدة على المشي ، ومن الأسباب التي دفعت لهذا الاعتقاد وجود علامات واضحة تؤكد ذلك ، علاوة على وجود مفصل داخل هذه الأصابع تساعدها في الانثناء خلال الحركة.
العالمة البريطانية جاكي فينتش من مركز الأبحاث البيولوجية الطبية لعلم المصريات التابع لجامعة مانشستر قد أكدت هذا الأمر أيضاً ففي عام 2007 و للتأكد من هذا الأمر تم الإتفاق مع متطوعين اثنين مبتوري الابهام لإجراء التجربة والتحقق منها، حيث تم تصنيع نسختين طبق الأصل من الاصبع المصري المحتفظ به في المتحف البريطاني.
وجاء في المقال الذي كتبته فينتش بصحيفة Lancet ان المتطوعين استعملا أصابع اصطناعية حديثة وأصابع منتجة بالتقنية المصرية القديمة، و بسؤالهما أكدا عدم وجود فوارق تُذكر بين الاصبعين بالإضافة إلى ذلك لم يتم رصد تغير في ثقل الجسم بالمقارنة بين الاصبعين، إلا ان أحد المتطوعين عبر عن كونه شعر بارتياح أكبر لدى ارتداءه ما يعرف باصبع تشيستر.
من المهم للاصبع الاصطناعي ان يلبي جميع المعايير التي تؤهله كي يكون فعالاً في الاستعمال، فالمواد التي صنع منها تجعله يحمل وزن صاحبه أثناء الحركة، و بالإضافة لذلك لا يجب ان يصدر عنه أية أصوات أثناء المشي وألا يتصدع بسبب الإستخدام ، بالإضافة الى ان المظهر الخارجي يجب أن يكون منسجماً مع مقاسات الجسد بحيث جزءاً طبيعياً من الجسم , من المهم أيضاً ان يكون تركيبه وخلعه أمراً سهلاً ، والأهم من كل ما سبق هو ان يساعد القدم.
وتشير جاكي فينتش الى ان العبء على ابهام القدم يبلغ ما يقارب 40% من وزن الجسم وهو المسؤول عن قدرة الانسان على السير للامام و مع ذلك فإن بعض من تبتر أصابع أقدامهم الكبرى يمكنهم التأقلم بسرعة مع واقعهم الجديد و السير بشكل عادي بدونه.
بناء على ما تقدم خلصت جاكي فينتش الى ان
” الابهامين استخدما كبديلين، لذلك يمكن اعتبارهما أصابع اصطناعية، مما يعني إعادة قراءة تاريخ زراعة الأطراف كأحد مجالات الطب التي عرفتها مصر القديمة “.
هذه النتيجة تعني ان العالم القديم قد عرف استخدام أو زراعة الأطراف الاصطناعية، مما يعني وجوب إعادة كتابة تاريخ ميلاد هذا السبق العلمي الى ما قبل 7000 سنة على أقل تقدير، اذ ان “الأصابع المصرية” الأقدم تعود لحقبة تاريخية تمتد ما بين 6000 و10000سنة قبل الميلاد مقارنة مع أقدم قدم اصطناعي موثق علمياً عرفه التاريخ و الذي صنع في عهد الرومان خلال القرن الرابع قبل الميلاد..