الكل يشكو من حدوث حالات التحرش و الإعتداءات الجنسية و الجسدية و السطو و الخطف و غيرها من الجرائم التي تتم على مرأى و مسمع من العديد من الناس دون أن يتحرك أحد . ليبدأ الجميع في التساؤل المعتاد , ماذا حدث للناس ؟ لماذا لا يتوقف أحد للمساعدة؟
في المعتاد فإن أي شخص في حالة طواريء ربما سيشعر بالإمتنان لكونه في منطقة مزدحمة بالبشر بحيث يكون لديه فرصة أكبر في تلقي المساعدة أليس كذلك ؟ لكن في الحقيقة لا توجد أي ضمانات لحدوث هذا بل إن العكس تماماً هو ما قد يحدث و هي إحدى الظواهر الإجتماعية التي تم رصدها و الحديث عنها في العديد من الأوساط العلمية.
خلافا للاعتقاد الشائع أن كثرة عدد الناس المحيطين بك يضمن لك الحصول على مساعدة أكبر أو في وقت أسرع . فثمة ظاهرة نفسية تدعى “تأثير الماره” تنص القاعدة على أن الناس هم أكثر قابلية لمساعدة شخص ما في محنة إذا كان هناك عدد أقل من الأشخاص أو الشهود الآخرين أما إذا كان هناك العديد من الناس حول الشخص المار فإحتمال الحصول على المساعدة يصبح أقل !.
لقطات
في عام 1964 قتلت كيتي جينوفيز خارج شقتها بنيويورك و قد سمع صراخها جيرانها في البناية لكن أحداً منهم لم يتحرك أو يبلغ الشرطة لفت هذا نظر علماء الإجتماع إلى تلك الظاهره الغريبة
في أكتوبر 2011 بالصين ضربت سياره فان طفلة صغيرة عمرها عامين بينما كانت تسير على الطريق , بقيت الفتاة ملقاه في قارعة الطريق مصابة بالرغم من مرور 18 شخص بجوارها حتى أن شاحنة ضخمة مرت فوقها قبل أن يلتقطها شخص و يتصل بالإسعاف لتنجو الفتاه لثمانية أيام تتوفى بعدها (الواقعة تم رصدها في الفيديو التالي).
ربما يبدو هذا أمراً مجنوناً لكن الحقيقة هي أنه هناك العديد من التفسيرات لتأثير الماره
1- الجهل بحقيقة الموقف
أحد أسباب المشكلة هو الجهل بحقيقة ما يحدث هل هو اعتداء أم شيء لآخر هل الأمر حقيقي أم مجرد مزحة , لو اضفنا إلى ذلك ثقافة بعض المجتمعات التي تجعل بعض الإعتداءات مبررة كاعتداء الزوج على الزوجة أو الأب على الإبن أو حتى اعتداء الشرطه على مشتبه به ,في مثل تلك الحالات يصبح الوضع شديد الغموض و كثيراً ما يفلت الجاني بفعلته بسبب هذا الإلتباس . في الحقيقة ثقافة لوم الضحية تشجع على حدوث الكثير من الإعتداءات لا تمنعها كما يظن البعض .
2- توزيع المسئولية
يرى بعض العلماء أن السبب الرئيسي لتأثير الماره هو أن تواجد العديد من الأشخاص في مسرح الحادث يجعل كل شخص عادة ما يفكر في أن شخص آخر سوف يتوقف للمساعدة بدلاً منه و بالتالي يوفر عليه هذا التفكير عناء التدخل . ويطلق العلماء على هذا تأثير نشر المسؤولية.
3- المرآه الإجتماعية
تم اختبار تأثير المارة في العديد من المواقف و اتضح الوضع الاجتماعي ينظر يلعب دورا في ما إذا كان الشخص سيحصل المساعدة أم لا، ولكن معظم الناس يستمرون في طريقهم دون توقف.
4- قوقعة الإنترنت
في عصرنا الحالي صار التواصل بين الناس على أقل درجاته , صار الكثير من الناس يفضلون أن يعيشوا في الواقع الإفتراضي لتجنب واقع مليء بالمشاكل , في الحقيقة هذا يجعل الناس أقل قابلية للتعامل مع الحالات الطارئة التي قد تسبب تكدير هذا النوع من نمط الحياة .