هناك خلط لدى معظمنا في التمييز بين الإكتئاب كحالة مرضية و بين حالات الحزن أو الضيق العابره ، فبينما نظن أنه مشكلة نفسية فقط إلا أنه أقرب لكونه حالة فسيولوجية شاملة تؤثر على النفس و الجسد معاً . و بعكس ما يظن البعض الإكتئاب ليس حزناً عابراً يزول بسهولة أو ملل يدفعه الإنشغال .
الاكتئاب أحد أكثر الأمراض شيوعاً عند البشر و ينطوي على الشعور الدائم بالحزن وفقدان الاهتمام حتى بالأنشطة التي عادة ما يتمتع الشخص بممارستها ، كما يرتبط الإكتئاب بالعجز عن أداء الأنشطة اليومية لمدة 14 يوماً أو يزيد .
أضف إلى أن المصابون بالاكتئاب تظهر عليهم أعراض مثل فقدان الطاقة؛ وتغيّر الشهية ؛ والنوم لفترات أطول أو أقصر؛ والقلق الدائم ؛ وانخفاض معدلات التركيز؛ والتردّد؛ والاضطراب ؛ و قد يصاحبه الشعور بعدم احترام الذات أو الشعور بالذنب أو باليأس؛ والتفكير في إيذاء النفس أو الانتحار.
حقائق سريعة عن الإكتئاب
- الاكتئاب من الاضطرابات النفسية الشائعة. عالمياً ، يعاني أكثر من 300 مليون شخص ضمن جميع الفئات العمرية من الاكتئاب.
- النساء أكثر إصابة بالإكتئاب مقارنة بالرجال.
- الإكتئاب في في بعض الحالات الشديدة ، يمكن أن يفضي إلى الانتحار.
- توجد وسائل علاج فعالة ضد الاكتئاب.
تجربة شخصية
مؤخراً شعرت بضيق في الصدر و ضغط في الرأس و لاحظت أن هذا الضيق لا يزول بسهولة بالطرق المعتادة مثل مشاهدة فيلم كوميدي أو ممارسة بعض الألعاب على الهاتف أو الحاسوب أو القيام ببعض التغييرات البسيطة .
في المعتاد تجعلنا أشياء بسيطة تجعلنا مبتهجين كالإبتسام أو الاختلاط بالناس أو مشاهدة فيلم كوميدي ، لكن مع الإكتئاب حتى و إن كنت تضحك ملء فمك لدرجة أن من يحيطون بك قد لا يشعروا إطلاقاَ بشيء غير عادي لكن يبقى لديك الشعور ذاته مسيطراً و مؤلماً في أعماق صدرك.
هذه الحالة تختلف عن حالات الحزن التقليدية فطول مدتها و عجزك عن الخروج منها يزيدان من تعاستك ، ربما هذا هو السبب في كونه قد يسبب في الحالات الشديدة ميولاً انتحارية ، فمن يعاني من الإكتئاب يتألم طوال الوقت و يختل ميزان الحياة لديه و مع ذلك لا يكاد أحد من المحيطين به يشعر بهذا الألم.
محاولات للتخلص من الإكتئاب
تقريباً كل الطرق التي جربتها للتخلص من هذا الشعور كممارسة رياضة بدنية ، مشاهدة الأفلام الكوميدية ، ممارسة ألعاب الكمبيوتر و الهاتف بل و حتى غسيل الصحون – الذي تحدثت دراسة مؤخراً عن تأثيره في إزالة الإكتئاب – لم تفلح .
و لأنني لم أكن أمتلك أي طاقة و لا أفضل تناول أي أدوية نفسية كالمهدئات و غيرها و لأن حالتي لم تكن بهذا السوء فقد وضعت زيارة الطبيب في ذيل القائمة ، من يحب زيارة طبيب نفسي على أي حال 😅 !
تجربة المكملات الغذائية
بدأت أبحث في خزانة الأدوية عن بعض الفيتامينات أو المكملات لحسن حظي عثرت على بضع كبسولات من زيت كبد الحوت و هي كبسولات معروفة باحتوائها على فيتامينات “أ” و “د” و التي تتسبب قلة التعرض للشمس في نقصها أحياناً كما تحتوي على أوميجا 3 الذي يعزز آداء الدماغ .
تناولت كبسولة و انتظرت قليلاً ، و خلال وقت وجيز بدأت أشعر بتحسن كبير و بدأ ذلك الجاثوم الرابض على صدري في الزوال تدريجياً و خلال أقل من ساعة استعدت نشاطي .
هل هذا التحسن سببه العلاج أم أنه مجرد تأثير بلاسيبو الشهير ؟ في الحقيقة لست متأكداً المهم أن العلاج أثمر و تخلصت من تلك الحالة القابضة . المؤكد أيضاً أنه و مع تكرار الأمر كان استخدام هذا العلاج يفلح معي في كل مرة تقريباً .
( تأثير بلاسيبو أو تأثير العلاج الوهمي هو حاله يتحسن فيها المرضى بمجرد تناولهم أقراص الدواء حتى تلك التي لا تحتوي على مادة فعالة )
في حالتي تحسن الوضع بعد أن تناولت هذا المكمل الغذائي لكن هذا لا يعني أن الأمر ذاته قد يفلح مع الجميع فالإكتئاب له مسببات عديدة كما أن درجات حدته تختلف من شخص لآخر .
12 علاج طبيعي للاكتئاب
ما سبق يقودنا إلى أن النقص في بعض الفيتامينات والمغذيات الرئيسية قد سبب نوبات من سوء المزاج أو حتى الإكتئاب. و قد جمعت لكم أهم الفيتامينات و العناصر و الأعشاب الطبيعية و التي ثثبت علمياً أنه قد يكون لها دور في علاج التي يمكنها أن تعالج الإكتئاب .
1- فيتامين ب 12 :
فيتامين ب12 و فيتامينات ب عموماً لها دور في إنتاج مواد كيميائية في الدماغ تؤثر على المزاج ووظائف الدماغ. فيتامين ب12 يتوفر في لحوم البقر ، والسردين ، والماكريل ، والضأن ، والبيض ، والجبن الفيتا ، والجبن المنزلية. يحتاج الجسم 10 ملغ على الأقل يومياً .
2- فيتامين د :
عدم التعرض للشمس يسبب
نقص فيتامين د ( فيتامين الشمس ) لذلك يوصي بالتعرض اليومي لأشعة الشمس لمدة 20 دقيقة على الأقل يومياً أو تناول 2000 وحدة دولية يوميًا من مكملات فيتامين د.
3- الأحماض الدهنية أوميجا-3 :
تلعب دوراً مهماً في صحة الدماغ ، خاصة عندما يتعلق الأمر بتحسين أعراض الاكتئاب والأداء المعرفي والمزاج العام . تتواجد أحماض أوميجا-3 في الأسماك الدهنية ، مثل الماكريل والسلمون والرنجة ، وكذا المكسرات والبذور مثل بذور الشيا وبذور الكتان واللوز والجوز.
4- فيتامين ب-6 :
يلعب دورا هاما في مجموعة واسعة من الوظائف الجسدية والنفسية. وهو مهم خاصة عندما يتعلق الأمر بالأداء العصبي ، وهو أحد الأسباب التي ترتبط عادة بالاضطرابات العصبية النفسية كالاكتئاب. عند النساء تستنفد حبوب منع الحمل فيتامينات B ، خاصةً B6 ، لذا يُنصح بشدة بتناول المكملات لمن يتناولن حبوب منع الحمل .
5- فيتامين ب-3 ( النياسين ) :
فيتامين ب3 يشارك في إنتاج السيروتونين الذي يمكّن خلايا الدماغ و الخلايا العصبية من التواصل. لقد تم ربط السيروتونين القليل جدا بالاكتئاب ، ويتطلب جسمك كمية صحية من فيتامين ب3 للحفاظ على ما يكفي. يوصي بجرعة 20 ملغ يوميًا لمن يتعاملون مع أعراض الاكتئاب ، لكن قد تكون هناك حاجة إلى جرعة أعلى حسب شدة الحالة.
6- حمض الفوليك (فيتامين ب9 ) :
حمض الفوليك هو عنصر غذائي ضروري يساعد الجسم في تكوين خلايا جديدة ، لهذا فإن النساء الحوامل يحتجنه خلال الحمل . بالإضافة لذلك ، فإنه يساعد في تخليق السيروتونين وهو ناقل عصبي يساهم في تنظيم المزاج ، وجدت الأبحاث أن العديد من الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب يستهلكون مستويات منخفضة من حمض الفوليك ، وكذلك فيتامين ب 12. الجرعة الموصى بها يومياً هي 400 ميكروغرام .
7- المغنيسيوم :
يساعد على الاسترخاء ، و يحمي من توتر العضلات ، والإمساك ، كما أنه يلعب دورًا رئيسيًا في إنتاج هرمونات الدماغ ، الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم تشمل الحبوب الكاملة والفاصوليا المجففة والمكسرات والخضراوات المورقة الداكنة ، ولكن يمكنك أيضا تناول مكمل غذائي من 320 إلى 450 ملغ يوميا خاصة في الليل للمساعدة في علاج الأرق.
8- فيتامين ج :
وجدت الكثير من البحوث صلة بين فيتامين (ج) والمزاج و الأداء المعرفي خاصة في كبار السن، كما أظهرت الدراسات انخفاضًا كبيرًا في القلق والاكتئاب عندما تم أخذ مستويات كافية من فيتامين C ، إما عن طريق النظام الغذائي أو المكملات الغذائية’. نظرًا لأنه يحتوي على فيتامين قابل للذوبان في الماء ولا يتم تخزينه بواسطة الجسم .
9- الحديد :
بعض من أكبر علامات نقص الحديد هي الطاقة المنخفضة ، والتعب المزمن ، وتغير المزاج. إذا كانت هذه الأعراض الشائعة مألوفة لك ، فقد تكون واحدًا من 10٪ تقريبًا من النساء أو 2٪ من الرجال الذين يعانون من نقص الحديد .يتواجد الحديد بوفرة في الكبد و البروتين الحيواني و السبانخ و العدس و الصويا و أيضاً الحبوب والألبان المدعمة بالحديد.
10- الكروم :
يحتاج البشر إلى كمية صغيرة جدًا من هذا العنصر المعدني ، 25 – 50٪ من البالغين في الولايات المتحدة يعانون من نقص بسيط في هذا العنصر المعدني. يساعد الكروم على توازن مستوى السكر في الدم والذي بدوره يؤدي إلى استقرار مزاجنا’. ‘كما أنه يساعد على تنظيم السيروتونين والميلاتونين وغيرها من المواد الكيميائية في الدماغ’. إذا كنت تستهلك الكروم في صورة مكملات فأنت تحتاج إلى 200 ميكروغرام ، ومع ذلك ، يمكن العثور عليه في البروتين الحيواني والبطاطا.
11- ل-ثيانين :
يُعرف هذا الحامض الأميني الممتاز الموجود في الشاي الأخضر بزيادة مستويات السيروتونين وتعزيز موجات ألفا في الدماغ ،. الطريقة الأسهل للحصول على جرعة صحية هي شرب شاي ماتشا ، أنقى أنواع الشاي الأخضر المعروف بمستوياته العالية من مضادات الأكسدة ومزايا أخرى مذهلة.
12- عشبة القديس جون (حشيشة القلب) :
عشبة سانت جونز أو حشيشة القلب هي واحدة من مضادات الاكتئاب الطبيعية الأكثر شعبية. يشبه تأثيرها مضادات الاكتئاب الصيدلانية و إن كان هناك تضارب حول فعاليتها . و بالرغم من أن حشيشة القلب قد تكون فعالة لدى بعض الأشخاص ، إلا أن لها آثار جانبية مشابهة للعلاج بالعقاقير التقليدية ، كما يجب الحذر عند استخدامها مع بعض الأدوية .
|
عشبة القديس جون |
علاجات سلوكية للإكتئاب
تساهم هذه العلاجات السلوكية في تحسين مستويات ما يعرف بهرمونات السعادة لديك و بالتالي تساهم في محاربة الإكتئاب إليك مجموعة من النصائح
- اجعل لك روتين يومي و ضع أهدافاً صغيرة و اسعى لتحقيقها فهذا يطلق لديك هرمون الدوبامين الذي يحارب المزاج السيء
- تساهم الرياضة في إطلاق الإندروفين و هو هرمون مسكن للآلام و مكافح القلق و التوتر
- تناول طعاماً صحياً و متوازناً لتحصل على كافة العناصر المهمة
- احصل على قدرٍ كاف من النوم
- قم بمسؤولياتك و لا تنسحب من الحياة فهذا سيجعل الأمور أكثر سوءاً
- افعل اشياءاً جديدة كل يوم
- احصل على بعض المرح
كلمة أخيرة
إذا كنت مريضاً بالإكتئاب أو باح لك شخص ما بأنه يشعر بالإكتئاب فربما يكون من الجيد ممارسة بعض الأنشطة الإجتماعية و كسر العادات و لا ضير من تناول بعض المكملات الغذائية مثل الفيتامينات المتعددة أو أوميجا 3 ، زيت السمك أو زيت كبد الحوت بالجرعات المحددة .
أما إذا كانت الحالة بالغة و لا يفلح معها الحلول الإجتماعية أو المكملات أو أن الشخص المكتئب ظهرت عليه أو أفصح عن ميولٍ انتحارية عندئذ تصبح زيارة الطبيب واجبة و لا يجب أبداً تجاهل الأمر أو الإكتفاء ببعض العبارات التشجيعية حتى لا تتفاقم الأمور و تخرج عن السيطرة.
في النهاية يجب عدم الإستهانة بالإكتئاب و تاثيره على الصحة العامة حيث توجد صلات قوية تربط بين الاكتئاب وأمراض أخرى، إذ يزيد الاكتئاب – إذا استمر لفترات طويلة – من خطورة الإصابة باضطرابات مثل داء السكري وأمراض القلب؛ ويصحّ أيضاً عكس هذا القول، أي أن خطورة الإصابة بالاكتئاب تكون مرتفعة لدى الذين يعانون من هذه الحالات الصحية.
رزقكم الله دوام الصحة و العافية
مصادر للإستزادة في هذا الموضوع
https://www.who.int/ar/news-room/fact-sheets/detail/depression
https://www.rd.com/health/wellness/vitamins-for-depression-boost-your-mood/
https://www.webmd.com/depression/features/natural-treatments#1
كتبه : محمد علي ماهر
اترك تعليقاً