في العقود الأخيرة، أصبحت المشاكل الإنجابية ومشاكل تطور النمو أكثر انتشارا، على سبيل المثال، تشير البيانات الصادرة عن مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها إلى أن المشاكل التناسلية للأطفال الذكور، بما في ذلك الخصية المعلقة (وهي عبارة عن خصية لم تنزل إلى المكان المعد لها بشكل طبيعي) والإحليل السفلي (و هو عيب خلقي تكون فيه فتحة مجرى البول في الجزء السفلى من العضو بدلاً من مقدمته)
هذه الحالات قد تضاعفت خلال الفترة بين عامي 1970 و1993. ويشتبه بشدة في كون المواد الكيميائية البيئية عوامل مساهمة.
وتسلط عدة تقارير حديثة الضوء على وجود تركيزات منخفضة المستوى من المواد السامة المؤثرة على المناسل والنمو ولا سيما الفيثالات وهي مادة توجد بكثرة في مستحضرات التجميل ومنتجات العناية الشخصية. والسؤال الرئيسي هو ما إذا كانت هذه التعرضات كبيرة بما فيه الكفاية لتسبب الضرر.
في يونيو / حزيران 2004، أصدرت هيئة البيئة في كاليفورنيا تقريراً عن زيادة التعرض للسموم بسبب المواد الكيميائية والتي أدت بدورها لزيادة الأمراض المرتبطة بتطور النمو لدى الأطفال. ويفصل التقرير المواد الكيميائية الموجودة في المنتجات الاستهلاكية وآثارها الصحية المحتملة تبعه تقريران آخران من منظمتين مهتمتين بحماية المستهلك.
وفقا لهذه التقارير الثلاثة، الماكياج والشامبو وغسول الجلد وطلاء الأظافر، وغيرها من منتجات العناية الشخصية تحتوي على مكونات الكيميائية تفتقر إلى بيانات السلامة.
وعلاوة على ذلك، تم ربط بعض هذه المواد الكيميائية في الدراسات الحيوانية بالعيوب الخلقية التناسلية للذكور، وانخفاض عدد الحيوانات المنوية، وتغيير نتائج الحمل.
ليس هناك دليل قاطع على نفس الآثار في البشر، ولكن التعرض على نطاق واسع، في المقام الأول إلى الفثالات قد أثبت أن هذه الأمور قابلة للحدوث.
الفثالات أحد المكونات الرئيسية في البلاستيك، وتظهر في العديد من المنتجات الاستهلاكية. الفثالات الرئيسية في مستحضرات التجميل ومنتجات العناية الشخصية هي دي بيوتيل فثالات dibutyl phthalate والتي توجد في طلاء الأظافر، و الديثيل فثالات والتي توجد في العطور والمستحضرات، وثنائي الميثيل فثالات في رذاذ الشعر. في كثير من الأحيان، لا يلاحظ وجودهم على الملصقات.
تقول سوجاثا جاهاجيردار، المدافعة عن البيئة مع البيئة في كاليفورنيا: ‘لقد نشأت المخاوف التي تركز حول هذه المادة الكيميائية خاصة بعد سلسلة من الاختبارات والدراسات التي تم إصدارها مؤخرا والتي تشير إلى مخاوف صحية محتملة كبيرة’.
على سبيل المثال، أظهرت دراسة سكانية أجراها مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها ونشرت في عدد آذار / مارس 2004 من برنامج الصحة الإنجابية أن 97٪ من 2،540 شخصا تم اختبارهم تعرضوا لواحد أو أكثر من منتجات الفثالات.
وأظهرت دراسة أولية أخرى أجريت في كلية هارفارد للصحة العامة ونشرت في عدد تموز / يوليه 2003 من برنامج الصحة الإنجابية وجود علاقة بين تركيزات أيض الفثالات البولية وتلف الحمض النووي (المادة الوراثية) في الحيوانات المنوية الإنسان.
صناع منتجات الرعاية الشخصية لا يزالون يؤكدون على سلامة الفيثالات. وقد نشرت مجموعة استعراض مستحضرات التجميل، وهي مجموعة بحثية مستقلة برعاية جمعية مستحضرات التجميل والعناية بالزيوت والعطور، مراجعة في فبراير / شباط 2003 تشير بشكل قاطع إلى أن الاستخدام الحالي للفيثالات في مستحضرات التجميل ومنتجات العناية الشخصية آمن.
تقول ماريان ستانلي، مديرة فريق إسترات الفثالات التابع للمجلس الأمريكي للكيمياء: ‘إن بعض هذه المخاوف (من المجموعات البيئية) تعتمد على اختبارات تعطي جرعة عالية للحيوانات مقارنة بمستويات التعرض الذي نراه حقا في البشر، ولدينا أرقام لدعم ذلك، لماذا عناء التخلص من منتج مفيد للغاية عندما لا يكون هناك مخاوف حقيقية؟ ‘
في المقابل تقول إليزابيث سورد، المدير التنفيذي للائتلاف البيئي غير الربحي لصحة الطفل: ‘في رأيي أن هناك أدلة كافية لإثارة قلقي، ليس فقط كوالده ولكن بصفتي المدير التنفيذي لهذه المنظمة، لتعميم هذه المعلومات مباشرة على الآباء والأمهات بطريقة تمكنهم من اتخاذ القرارات الصحية ‘.
وأضافت: ومع ذلك، لا يمكن للمستهلكين اتخاذ مثل هذه القرارات دون معرفة المكونات الواردة في المنتجات التي يستخدمونها. ‘هناك أسرار تجارية وتركيبات يتم الاحتفاظ بها بمنأى عن المستهلك لأسباب تتعلق بالصناعة وهذا يمنع المستهلك من اتخاذ قرارات مستنيرة تماما’.
يتوقف الأمر أيضاً على مدى قبول الفرد للمخاطر، يختلف الأشخاص في مدى قدرتهم ورغبتهم في تحمل المخاطر الشخصية. لكن يجب على الكبار اتخاذ قرارات سليمة إذا ما تعلق الأمر بمدى تعرض صحة أطفالهم للخطر نتيجة لقرار خاطئ.
أما بخصوص منطقتنا العربية فلو أخذنا في الاعتبار القبضة الرخوة في الرقابة على مستحضرات التجميل فربما يصبح علينا أن نكون أكثر حرصاً ممن قاموا بهذه الدراسات حيث ثبت أن الكثير من مستحضرات التجميل لا تخضع لرقابة كافية وتصنع بدون ترخيص ولا تخضع لأي معايير صناعية وطبية فربما علينا ان نكون أكثر حذراً من غيرنا.
مصدر المقالة:
US National Library of Medicine – National Institutes of Health