أفضل نصيحة لخسارة الوزن
تأليف الدكتور جاسون فنج. إستشاري أمراض الكلية. تورنتو.كندا
ترجمة: إبراهيم عبدالله العلو
لا يحدث أي شيء في أجسادنا بالصدفة. وكل عملية فيزيولوجية مفردة هي تناغم محكم للإشارات الهرمونية. وتتحكم الهرمونات بدقة بدقات قلبك سواء بسرعة أو ببطء وكذلك التبول كثيراً أو قليلاً.
عندما نستهلك السعرات الحرارية قد تحرق كطاقة وربما تخزن كدهون جسم ، الأمر يعود للهرمونات. لذا لا نرى المشكلة الأساسية للسمنة في السعرات الحرارية التي نستهلكها بل بطريقة إنفاقها. والهرمون الأساسي الذي نحتاج لمعرفته هو الإنسولين.
والإنسولين هو هرمون يخزن الدهون ولا ضرر في ذلك فتلك هي مهمته بكل ببساطة. وعندما نتناول الطعام يرتفع الإنسولين مما يعطي إشارة للجسم لتخزين طاقة الغذاء على شكل دهون جسم. وعندما لا نأكل ينخفض الإنسولين مما ينبه أجسامنا لحرق الطاقة المخزنة(دهون الجسم). وعندما تكون مستويات الإنسولين أعلى من المعتاد تخبر أجسامنا بتخزين طاقة الغذاء على شكل دهون في الجسم.
الهرمونات أساسية بالنسبة للسمنة مثلها مثل كل شيء في الفيزيولوجيا البشرية بما في ذلك وزن الجسم.
لا يترك المتحول الفيزيولوجي الحاسم مثل دهون الجسم لشطحات إستهلاكنا اليومي من السعرات الحرارية والتمارين الرياضية. ولو كان أوائل البشر بدناء لما تمكنوا من الركض بخفة ورشاقة والإمساك بالصيد. ولو كانوا شديدي النحافة لما استطاعوا البقاء في السنوات العجاف. وبذا تكون دهنية الجسم محدداً أساسياً لبقاء النوع.
وبهذا الشكل نعتمد على الهرمونات لتنظيم دهون الجسم بشكل دقيق ومنضبط. ونحن لا نتحكم بوزن أجسامنا وكذلك بدقات قلوبنا أو بدرجة حرارة أجسامنا بشكل واعي. فهي تنظم بشكل آلي وكذلك وزن الجسم.
تخبرنا الهرمونات بالإحساس بالجوع(الجريلين). أو بالشبع (بيبتايد وكلوسيستوكينين). ترفع الهرمونات مصروف الطاقة (الأدرينالين). وتوقف الهرمونات إنفاق الطاقة(هرمون الغدة الدرقية). والبدانة ببساطة ما هي إلا عدم إنتظام هرموني لتجميع الدهون. ونصبح بدناء لأننا أعطينا أجسامنا الإشارة الهرمونية لإكتساب دهون الجسم. وترتفع الإشارات الهرمونية وتنخفض تبعاً للنظام الغذائي الذي نتبعه.
البدانة اختلال هرموني وليس اختلال للسعرات الحرارية.
تكون مستويات الإنسولين عادة أعلى ب20% في البدناء وترتبط هذه المستويات المرتفعة بشدة بمؤشرات مهمة مثل محيط الخصر ونسبة الخصر إلى الورك. إذاً هل يتسبب الإنسولين المرتفع بالبدانة؟
يمكن إختبار فرضية “الأنسولين يسبب البدانة” بسهولة. إذا أعطيت مجموعة عشوائية من الأفراد إنسولين هل سيكتسبون مزيداً من الدهون؟ الجواب القصير “نعم”.
يعلم الأفراد الذين يستخدمون الإنسولين بشكل منتظم والأطباء الذين يصفونه لمرضاهم الحقيقة المرة: كلما زادت جرعة الإنسولين التي تحصل عليها كلما إزدادت البدانة لديك. وأظهرت العديد من الدراسات هذه الحقيقة. فالإنسولين نعم يسبب زيادة الوزن.
قارن البحاثة في دراسة شهيرة عام 1993 سميت بدراسة مضاعفات وضبط داء السكري جرعة معيارية من الإنسولين مع جرعة عالية مصممة لضبط مستويات سكر الدم في مرضى داء السكري النوع الأول. قامت الجرعات المرتفعة من الإنسولين بضبط سكر الدم بشكل أفضل ولكن ما الذي حل بوزن أجسامهم؟
زاد وزن المشاركين في الدراسة والذين أعطوا جرعات مرتفعة من الإنسولين ب4.5 كيلوغرام زيادة عن المشاركين في المجموعة الإعتيادية. وعانى أكثر من 30% من المرضى المشاركين من زيادة”ملحوظة” في الوزن.
كانت المجموعتان متقاربتان في الوزن قبل الدراسة وبوجود نسبة ضئيلة من البدانة. وكان الفرق الوحيد بين المجموعتين هو نسبة الإنسولين المحقونة. رفعت مستويات الإنسولين وكذلك ارتفعت أوزان المشاركين مما تسبب بالسمنة. ومع إرتفاع الإنسولين يرتفع وزن الجسم. يرسل الوطاء(الهايبوتلاموس) إشارات هرمونية للجسم كي يكتسب مزيداً من الوزن. نشعر بالجوع أكثر ونلتهم الطعام. وإذا حاولنا تقييد السعرات الحرارية بشكل متعمد ينخفض مصروفنا الكلي من الطاقة وتبقى النتيجة ذاتها –زيادة الوزن.
عندما نفهم أن البدانة هي إختلال هرموني نستطيع البدء بمعالجتها.
وإذا تابعنا التصديق أن زيادة السعرات الحرارية تسبب البدانة عندئذ تكون المعالجة تخفيض الإستهلاك من تلك السعرات. ولكن تلك الطريقة كانت فشلاً ذريعاً. وإذا تسببت زيادة الإنسولين بالسمنة عندها يتضح أننا بحاجة لتخفيض مستويات الإنسولين.
ولا يكمن السؤال في موازنة السعرات الحرارية بل في موازنة هرموناتنا وخاصة الإنسولين. وهناك طريقتان فقط لإرتفاع الأنسولين إما:
- أننا نستهلك أطعمة أكثر تحفز الإنسولين.
- أو أننا نستهلك ذات الأطعمة التي تحفز الإنسولين ولكن بتواتر أكبر.
أشار كتابي” شيفرة البدانة” إلى الحقيقة العلمية التي تقف وراء زيادة الوزن وكيفية تطبيق تلك المعرفة لتخفيض الوزن. وتشكل النظرية وراء برنامج إدارة التغذية المتكاملة والتي ولدت الكثير من قصص النجاح خلال السنوات القليلة الماضية. ويهدف هذا الكتاب لتبني تلك الأفكار وتسهيل تطبيقها في الحياة اليومية.
كبح الإنسولين مفتاح خسارة الوزن
يكمن مفتاح خسارة الوزن الطويلة الأمد في التحكم بالهرمون الأساسي المسؤول عن ذلك ألا وهو الإنسولين. ولا يوجد عقاقير تعالج التحكم بالإنسولين بل يتطلب الأمر تغيير في نظامنا الغذائي ويتألف من مؤثرين – مستوى الإنسولين المرتفع بعد الوجبات وفترة ديمومة ذلك الإرتفاع. ويتلخص ذلك بعاملين بسيطين:
- نوعية الطعام الذي نتناوله التي تحدد مدى إرتفاع مستويات الإنسولين.
- زمن تناول الطعام الذي يحدد ثبات الإنسولين.
تهتم معظم الحميات بالسؤال الأول وبالتالي تفشل على المدى الطويل. وليس من الممكن مناقشة نصف المشكلة وتوقع النجاح.
وبالنسبة للطعام لا تعتبر هذه الحمية منخفضة السعرات الحرارية. وليست بالضرورة منخفضة الكربوهيدرات. وليست نباتية أيضاً أو لاحمة. إنها حمية مصممة لتخفيض مستويات الإنسولين لأن الإنسولين هو القادح الفيزيولوجي لتخزين الدهون. وإذا رغبت بتخفيض تخزين الدهون عليك بتخفيض الإنسولين ويمكن القيام بذلك حتى في الحميات المرتفعة المحتوى من الكربوهيدرات.
استهلكت العديد من المجتمعات التقليدية الأغذية المكونة بشكل أساسي من الكربوهيدرات بدون المعاناة من بدانة متفاقمة. وفي سبعينات القرن الماضي وقبل إنتشار وباء البدانة .
تمتع الإيرلنديون بالبطاطا. كما تمتع الأسيويون بالأرز والفرنسيون بالخبز.وحتى في أمريكا دعنا نتذكر أواخر السبعينات. كانت الديسكوات تكتسح البلاد وكانت أفلام حرب النجوم والفك تعرض في قاعات سينما مكتظة بالحضور. وإذا نظرت إلى صورة قديمة من تلك الحقبة سوف تشعر بالذهول من أشياء عديدة وأهمها ندرة السمنة في ذلك الوقت وإذا نظرت إلى بعض الكتب السنوية للمدراس الثانوية من السبعينات لن ترى بدانة تذكر وربما طالب من كل 100 طالب.
ولكن ما هي الحمية في السبعينات؟ كانوا يأكلون المربى والخبز الأبيض والبوظة وحتى حلوى اوريو. ولم يكونوا يتناولون معكرونة بالقمح الكامل أو كينوا أو الكرنب ولم يعدوا السعرات الحرارية. وحتى أنهم لم يمارسوا الكثير من التمارين الرياضية. كان هؤلاء الأفراد يفعلون كل شيء”خاطئ” في ذلك الوقت ولكنهم لم يكونوا بدناء لماذا؟
وماذا عن حمية سكان أوكيناوا؟ المكونة من أكثر من 80% من الكربوهيدرات ومعظمها من البطاطا الحلوة التي تحوي بعض السكر. وماذا عن الإيرلنديين في السبعينات وبطاطتهم المحبوبة والجعة؟ ولم يفكروا مرتين بما يأكلونه وحتى عهد قريب لم تكن البدانة منتشرة بينهم. لماذا؟
الجواب بسيط. إقترب وأصغي جيداً.
لم يتناولوا الطعام طوال الوقت.
تظهر الإحصائيات مثل إحصائية نهانس في أمريكا أن الناس في سبعينات القرن الماضي كانوا يتناولون 3 وجبات في اليوم. فطور وغداء وعشاء. ولكن بحلول عام 2004 كان الناس يتناولون 5 أو 6 وجبات كل يوم.
عندما لا تأكل، نسمي ذلك من الناحية التقنية”صيام”، ولهذا يوجد في اللغة الإنجليزية كلمات مثل”إفطار” أو كسر الصيام وهي الوجبة التي “تكسر” الصيام. وخلال نومك تكون “إفتراضياً” لا تأكل وبالتالي صائماً. ويمنح ذلك جسمك الوقت الكافي لهضم الطعام ومعاملة المغذيات وحرق الباقي كطاقة تغذي الأعضاء الحيوية والعضلات. ومن أجل المحافظة على وزن ثابت يجب أن توازن بين الصيام والإطعام.
ماهي مميزات التقليل وجبات من الطعام
تخزن طاقة الغذاء على شكل دهون جسم خلال الإطعام. وتحرق دهون الجسم خلال الصيام من أجل الطاقة. وإذا تمكنت من موازنة هذين العاملين سيبقى وزنك ثابتاً. وإذا تابعت تناول الطعام طوال الوقت سوف تكتسب المزيد من الوزن. وإذا كنت صائماً معظم الوقت سوف تفقد الوزن. لذا أقول أن أفضل نصيحة أقدمها لخسارة الوزن وهي بسيطة للغاية وواضحة: لا تأكل طوال الوقت.
ولكن ولسوء الحظ تنصحنا معظم السلطات الغذائية بفعل العكس تماماً. حيث ينصحون يتناول 6 وجبات في اليوم. وتناول الوجبات الخفيفة وحتى تناول الطعام قبل النوم. ويبدو ذلك في منتهى الغباء. ومن الأفضل عوضاً عن ذلك استخدام الصيام المتقطع وهي تقنية تغذوية استخدمت بنجاح من قبل أجيال لا تعد ولا تحصى. والصيام فعال للغاية ولكنه ليس سهلاً في جميع الأوقات لذا أنصح بشرب الشاي الأخضر الذي يساعد في التغلب على الشعور بالجوع.
المصدر:
https://medium.com/@drjasonfung/my-single-best-weight-loss-tip-c592452190fa
اترك تعليقاً