لماذا تنام الحيوانات و لماذا ‘يضيع’ البشر ثلث حياتهم غارقين في سبات عميق؟
النوم هو أحد أكبر ألغاز علوم الحياة التي تطرح الكثير من الأسئلة التي تحتاج إجابة .على مدى ملايين السنين ظل النوم شاملاً و ضرورياً و حتمياً لجميع الكائنات الحية التي تملك جهازاً عصبياً ، يشمل هذا اللافقاريات كالذباب و الديدان وحتى قناديل البحر .
وعلى الرغم من كون فترات النوم التي تقضيها الحيوانات تشكل تهديداً لوجودها في كثير من الأحيان بسبب المفترسات التي قد تستغل الفرصة ، إلا أن معظم الحيوانات لا يمكنها الاستغناء عن النوم .
دراسة جديدة
في دراسة جديدة كشف العلماء عن وظيفة جديدة وغير متوقعة للنوم يعتقد أنها يمكن أن تفسر سبب تأثير اضطرابات النوم على أداء الدماغ والشيخوخة واضطرابات الدماغ المختلفة.
استخدمت تقنية تصوير الفاصل الزمني لدى أسماك الزرد، وتمكن من خلالها الباحثون خلال هذه التجربة من تحديد تأثيرات النوم بدقة على المستوى الكروموسومي (الجيني) ، أظهرت الدراسة للمرة الأولى ، أن الخلايا العصبية المنفردة تتطلب النوم من أجل إجراء صيانة لأنويتها.
اختيرت أسماك الزرد Zebrafish لإجراء هذه الدراسة نظراً لشفافية أجسامها ولأنها من الفقاريات و بالتالي تشبه أدمغتها بشكل كبير أدمغة البشر . هذا جعل من هذا النوع من الأسماك كائناً مثالياً لدراسة الخلايا العصبية المنفردة داخل دماغه بإستخدام مجهر عالي الدقة، حيث يمكن ملاحظة حركة الحمض النووي والبروتينات النووية داخل الخلايا خلال فترات نومها واستيقاظها .
شفافية أسماك الزرد تسمح برؤية أعضاءها الداخلية و نشاطها الدماغي
الإشعاع و الإجهاد التأكسدي وحتى النشاط العصبي الطبيعي كلها أنشطة تتسبب في حدوث تلف بالحامض النووي DNA . لحسن الحظ فإن الخلايا تكون مزودة بنظام صيانه يقوم بإصلاح الأضرار التي تحدث داخل كل خلية.
خلال فترات اليقظة يكون هذا العمل غير نشط بشكل سريع بما يكفي لحل هذه المشاكل وبسبب ذلك يتراكم التلف في الحمض النووي بشكل مستمر و قد يتسبب ذلك في الوصول إلى مستويات غير آمنة من الأضرار.
فوجيء الباحثون بأن الكروموسومات تكون أكثر نشاطاً خلال الليل في فترات الراحة بسبب نشاط عمليات الصيانة على المستوى تحت الكروموسومي داخل الخلايا .
خلال النوم فإن آليات الصيانة تصبح أكثر نشاطاً داخل الخلايا ، فبينما تنخفض مدخلات الدماغ خلال النوم ، تصبح عملية الإصلاح أكثر كفاءة ، الأمر يشبه إصلاح الحفر في الطرق ، في ساعات الذروة تزداد الأضرار بينما تكون أفضل الفترات الملائمة للإصلاح هي ساعات الليل الهادئة حيث تقل حركة المرور.
فوائد أخرى للنوم
يساعد النوم ليس فقط على إزالة النفايات من الدماغ بل أيضاً تنشيط خلايا الجسم ، ودعم التعلم والذاكرة.كما يلعب أدوارًا حيوية في تنظيم الحالة المزاجية و الشهية والرغبة الجنسية.
- النوم يحافظ على صحة قلبك : يحميك النوم من الأزمات القلبية الناتجة عن تدهور ضغط الدم والكوليسترول
- النوم قد يساعد في منع السرطان: يعتقد أن هرمون الميلاتونين الذي يفرز في الظلام خلال النوم يكبح نمو الأورام
- يقلل النوم من الإجهاد : عندما يكون جسمك يعاني من قصور في النوم ، فإنه يمر بحالة من التوتر. يتم وضع وظائف الجسم في حالة تأهب قصوى ، مما يسبب ارتفاع ضغط الدم وإنتاج هرمونات التوتر.
- النوم يقلل من الالتهابات : تزيد هرمونات التوتر الناتجة عن قلة النوم من مستوى الالتهاب في جسمك. هذا يخلق مخاطر أكبر للحالات المرتبطة بالقلب ، وكذلك السرطان والسكري. يعتقد أن الالتهاب يتسبب في تدهور الجسم مع تقدمنا في العمر.
- النوم يجعلك أكثر يقظة : حين تنام ليلة سعيدة فستشعر بالحيوية والإنتباه في اليوم التالي. عندما تستيقظ مع الشعور بالانتعاش ، استخدم هذه الطاقة للخروج في وضح النهار ، والقيام بأشياء نشطة ، والمشاركة مع عالمك. سوف تنام بشكل أفضل في الليلة التالية وتزيد من مستوى الطاقة اليومية.
- النوم يحسن ذاكرتك : لا يفهم الباحثون تمامًا سبب نومنا وحلمنا ، لكنهم وجدوا أن النوم يلعب دورًا مهمًا في عملية تسمى دمج الذاكرة. أثناء النوم ، قد يستريح جسمك ، لكن دماغك مشغول بمعالجة يومك ، وإجراء اتصالات بين الأحداث ، والمدخلات الحسية ، والمشاعر ، والذكريات. يعتبر النوم العميق وقتًا مهمًا للغاية لعقلك لصنع الذكريات والروابط ، والحصول على المزيد من النوم الجيد سيساعدك على تذكر الأمور ومعالجتها بشكل أفضل.
- النوم قد يساعدك على فقدان الوزن : وجد الباحثون أن الأشخاص الذين ينامون أقل من 7 ساعات في الليلة هم أكثر عرضة لفرط الوزن أو السمنة. يُعتقد أن قلة النوم تؤثر على توازن الهرمونات في الجسم التي تؤثر على الشهية. تم العثور على هرمونات جريلين ولبتين ، التي تنظم الشهية ، وتعطلت بسبب قلة النوم. إذا كنت تريد الحفاظ على الوزن أو إنقاصه ، فلا تنس أن الحصول على قسط كافٍ من النوم بشكل منتظم يعد جزءًا كبيرًا من المعادلة.
- الغفوة تجعلك ‘أكثر ذكاءاً : تعد القيلولة أثناء النهار بديلاً فعالًا ومنعشًا للكافيين ، فهو مفيد لصحتك العامة ويمكن أن يجعلك أكثر إنتاجية. أظهرت دراسة شملت 24000 من البالغين اليونانيين أن الأشخاص الذين ينامون القيلولة عدة مرات في الأسبوع لديهم خطر أقل للوفاة بسبب أمراض القلب. الأشخاص الذين ينامون في العمل يظهرون مستويات أقل بكثير من التوتر. الغفوة أيضا تحسن الذاكرة ، والوظائف المعرفية ، والمزاج.
- النوم قد يقلل من خطر الاكتئاب: يؤثر النوم على العديد من المواد الكيميائية في الجسم ، بما في ذلك السيروتونين. الأشخاص الذين يعانون من نقص السيروتونين هم أكثر عرضة للمعاناة من الاكتئاب. يمكنك المساعدة في الوقاية من الاكتئاب عن طريق التأكد من حصولك على قدر مناسب من النوم: بين 7 و 9 ساعات كل ليلة.
- يجدد خلايا الجسم : أخيراً و كما أسلفنا فإن للنوم دور حيوي ليس فقط في تجديد خلايا الدماغ بل و خلايا الجسم أيضاً
مصدر
https://www.sciencedaily.com/releases/2019/03/190305170106.htm
https://www.verywellhealth.com/top-health-benefits-of-a-good-nights-sleep-2223766
اترك تعليقاً