العلق الطبي أو العلق العلاجي هو علق الماء الذي استخدم منذ آلاف السنين في العلاج واليوم عاد للواجهة وتفوق على الأطباء في علاج العديد من الحالات الحرجة التي يقف الأطباء أمامها عاجزين مثل الحاجة لبتر الأطراف بسبب مضاعفات السكري وجلطات الدماغ .
أغلب الناس اليوم قد ينزعج أو يتقزز من مجرد ذكر كلمة “علقة” . من ذا الذي يريد أن يلصق بجسمه زاحف لزج مصاص للدماء على أي حال ! لكن العجيب أن هذا الزاحف اللزج يمكنه إنقاذ حياتك حرفياً بشكل قد يعجز عنه حتى أمهر الأطباء !
متى بدأ استخدام العلق الطبي ؟
استخدام علق الماء هي ممارسة قديمة للغاية ، تم استخدام العلق طبيًا منذ آلاف السنين – يعود تاريخ استخدامه إلى مصر القديمة عندما كان إهراق الدم ( أو الحجامة) ممارسة علاجية شائعة.
اعتقد الممارسون في ذلك الوقت أن سحب الدم الفاسد من المريض يمكن أن يمنع أو يعالج المرض ولكن في كثير من الأحيان كان يتم استخدام العلق. وبمجرد أن تلتصق العلقة بجلد المريض ، ستفعل ما صُممت من أجله – تتغذى على الدم.
واليوم لازال الأطباء في أغلب غرف الجراحة الحديثة يميلون لاستخدام العلق الطبي في حالات طبية معينة لإنقاذ الأرواح أو الأطراف إذا ما عجز الطب الحديث عن ذلك.
كيف يستخدم العلق الطبي ؟
عند وضع العلقة على الجسم فإنها تبدأ بتثبيت ممصها الأمامي على الجسم ثم تستخدم فكوكها الثلاثية المسننة لإحداث خدش ذو ثلاث شعب في الجلد ، ثم تبدأ العلقة في إفراز اللعاب .
يحتوي لعاب العلقة بشكل أساسي على ثلاث مركبات كيميائية هامة وهي:
- مادة موسعة للأوعية الدموية Vasodilator لتسريع تدفق الدم
- مادة العلقين أو الهيرودين Hirudin وهي مادة تمنع تجلط الدم وتخدر الألم.
- إنزيم Hyaluronidase لزيادة نفاذية الجلد وتسهيل تدفق الدم من خلاله
بعد إفراز المركبات الثلاثة ينطلق تيار من الدم عبر الخدش ثلاثي الرؤوس الذي أحدثته العلقة في الجلد، ثم تبدأ العلقة في امتصاص الدم حيث تقوم بتخزينه أو هضمه.
وتمتص الدودة الواحدة كمية من الدم تقارب 3-6 غرامات أي بقدر وزنها 5 مرات ويمكنها الاحتفاظ بهذا الدم لمدة 6 أشهر لذا يجب أن يتم التخلص منها بعد العلاج و لا يعاد استخدامها مرة أخرى حتى لا تتسبب في نقل الأمراض بين المرضى.
أهم استخدامات العلق الطبي
هناك العديد من الحالات التي تتطلب استخدام العلق الطبي ، على سبيل المثال لحماية الأشخاص المصابين بداء السكري من بتر الأطراف وكذلك لمنع تجلط الدم في الأطراف أو الأعضاء المبتورة اثناء اعادة توصيلها أثناء الجراحات ولعلاج الجلطات و الدوالي .
تعتبر العلقات فعالة في زيادة الدورة الدموية وتفتيت الجلطات الدموية. لا ينبغي أن يكون مفاجئًا أنه يمكن استخدامها لعلاج اضطرابات الدورة الدموية وأمراض القلب والأوعية الدموية.
تم تحويل المواد الكيميائية المشتقة من لعاب العلقة إلى عقاقير طبية يمكنها علاج:
- ارتفاع ضغط الدم
- توسيع الأوردة
- البواسير
- مشاكل البشرة
- التهاب المفاصل
- علاج الصلع و تساقط الشعر
- الجراحات الترميمية و التجميلية
- بعض أمراض القلب و الأوعية الدموية
الكرايوثيرابي : العلاج بالتبريد هل هو مفيد و آمن ؟!
استخدام العلق الطبي لعلاج السرطان
يجري علاج السرطان باستخدام علق الماء بسبب مثبطات الصفائح الدموية والإنزيمات الخاصة الموجودة في لعاب العلقة. بينما لا يُنصح الأشخاص المصابون بسرطانات دم معينة باستخدام العلق الطبي ، فقد ثبت أنه يبطئ من آثار سرطان الرئة. تظهر الاختبارات على الحيوانات أيضًا أن حقن لعاب العلقة في الفئران يساعد في منع استعمار الخلايا السرطانية.
استخدام العلق الطبي لعلاج السكري
يمكن أن يسبب تطور مرض السكري العديد من المشاكل. يمكن أن تؤدي هذه المشاكل إلى أمراض الأوعية الدموية التي تحد أو تمنع الدم من الوصول إلى أصابع القدم وأصابع اليدين والقدمين.
عندما يصبح تدفق الدم مقيدًا بشدة ، يمكن أن تموت الأنسجة المصابة. هذا هو السبب الرئيسي للبتر بين مرضى السكري. يعد فقدان إصبع أو طرف بسبب مضاعفات مرض السكري مصدر قلق كبير لملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم.
الطريقة الأكثر فعالية لوقف هذه العملية هي زيادة الدورة الدموية للأنسجة المصابة دون التعرض لخطر الإصابة بجلطات الدم.
تعمل مادة هيرودين الموجودة في لعاب العلقة على ترقيق الدم وتمنع تجلطه . نظرًا لأن مرضى السكري يميلون إلى أن يكون لديهم دم أكثر كثافة ، يمكن أن يساعد الهيرودين في تخفيف الضغط على القلب ونظام القلب والأوعية الدموية عن طريق ترقيق الدم.
الباحثون لديهم نتائج إيجابية في الحالات التي تم فيها استخدام الهيرودين لعلاج مرض السكري. وجد الباحثون أن استخدام ما لا يقل عن أربعة علقات في جلسة واحدة يمكن أن يساعد في تقليل خطر البتر.
استخدام العلق الطبي في جراحات التجميل والترميم
إن تأثير علاج العلقة على تخثر الدم أثناء وبعد هذه العمليات الجراحية يساعد الجسم على الشفاء بشكل طبيعي وكامل.
الآثار الجانبية للعلاج بالعلق
بصفة عامة فإن العلاج بالعلق يبدو أقل من ناحية الآثار الجانبية من العلاجات الأخرى ، من الآثار الجانبية للعلاج بالعلق الطبي
- العدوى البكتيرية التي قد تنطوي على بكتريا مقاومة للمضادات الحيوية
- قد تحاول العلقات الانتقال من المناطق المريضة إلى مناطق أخرى غير مصابة مما يتسبب في فقد غير ضروري للدم
- وجود حساسية تجاه لعاب علق الماء وينبغي ايقاف العلاج على الفور في حال حدوث أعراض تحسسية
- تترك العلقات ورائها جروحًا صغيرة على شكل حرف Y والتي عادة ما تلتئم دون ترك ندبة.
تحديات العلاج بالعلق
كان مرضى الجراحة التجميلية يحصلون على إصابات مع البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، ولا أحد يعرف السبب. اكتشف الأطباء أن العلق الطبي ربما يكون هو السبب .
أحد الأبحاث كشف أن بعض الدواجن التي تستخدم لتغذية العلق وبسبب الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية في تربية الدواجن تولدت سلالات مقاومة للمضادات الحيوية انتقلت وتكاثرت في العلق ثم انتقلت لبعض المرضى .
لعل أحد أهم تحديات العلاج بالعلق هو البكتيريا التي توجد في أحشاء هذا الكائن ، يجب أن يتم تنمية هذه العلقات في بيئة معقمة ويمكن إعطاء المريض المضادات الحيوية قبل العلاج لتجنب انتقال بكتيريا ممرضة إلى المريض . لكن التحدي يصبح أصعب في وجود بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية .
مصادر
https://www.britannica.com/science/leeching
https://www.sciencedaily.com/releases/2018/07/180724110127.htm
https://www.healthline.com/health/what-is-leech-therapy
https://en.wikipedia.org/wiki/Hirudo_medicinalis