anonymous woman showing retro miniature ornamental perfume bottle
Photo by Kristina Paukshtite on Pexels.com

مسك السعادة – قصة قصيرة

كتبها : محمد علي ماهر

يحكي انه في غابر الأزمان كان هناك شيخ وقور آتاه الله حكمة و علماً و ذات يوم دعا الشيخ الوقور فتاه يوماً و هو علي فراش الموت و قال له أي بني قد دنا الأجل و حانت لحظة الفِرَاقَ و كنت قد عكفت علي تركيبة اسميتها مسك السعادة , هذه التركيبة يا بني يمكنها أن تحمل السعادة لكل أهل قريتنا إلي ما يشاء الله له أن يكون بشرط ان تجمع كل أهل القرية و توزعها عليهم جميعاً بالتساوي دون تمييز هكذا تصيب السعادة جميع الناس و لا يبقي في القرية شقي و أحذر يابني أن تبخل أو تطمع فتضيع مجهود السنين و يضيع الناس , مات الشيخ الطيب و ترك خلفه مسك السعادة الذي افني عمره في تحضيره بلاكلل أو ملل كي ينشر السعادة بين ابناء قريته البائسة.

مرت ايام و اسابيع و الفتي يقول لنفسه أن انتظر حتي يأتي الأوان و يجتمع الناس و مضي  يضع من المسك فيشعر بسعادة تغمره حدثته نفسه ان أخبر الناس و نفذ وصية شيخك و حدثه شيطانه ان اجمع الناس تحت رايتك و منيهم بمسكك فهؤلاء تعساء حمقي لن يفيدهم هذا المسك ما داموا لا يملكون حكمتك ! ثم مضي يحدث نفسه : نعم أمجنون أنا حتي اعطي من السعادة اعدائي الذين يكرهونني و الأشقياء و الأغبياء .

 فلما اجتمع الناس في يوم عيد خرج لهم و قال ايها الناس قد اوتينا من اسباب السعادة ما يمكن ان يجعلكم جميعاً من السعداء فمن اراد السعادة فليتبعني فتبعه من القوم من من رأي عليه علامات النشوة الظاهرة جراء استخدامه للمسك

و مضت الأيام و هو يعد الناس و يمنيهم بالسعادة التي لا تنفد و يقضي الأيام و الليالي يضع مسك السعادة و أهل القرية يزدادون بؤساً و تعاسه حتي كف الناس عن تصديقه و انفض عنه معظم من حوله و لم يعودوا يصدقوا أكاذيبه و بقيت معه قلة قليلة

 فقال هؤلاء الذين صمدوا معي هم الحكماء المستحقون لهذا المسك لابد أن اكافئهم علي اخلاصهم كي يبقوا مخلصين لي , قرر أن يدفع بعضاً من المسك الي من تبقي من اتباعه دون ان يخبرهم بماهيته تذوقوا النشوة فمضوا يحدثون الناس عن كراماته

و مضت الأيام و هو يضع مسكه و يعطي اتباعه القليل بين الحين و الآخر ليضمن تبعيتهم و في أحد الأيام اراد أن يضع مسكه فإذا بالمسك نفد و لما علم اتباعه و زال الأثر انفضوا عنه و علم الناس ما كان من خداع الفتي فقاطعوه فمضي في القرية و حيداً شريداً و ساءت احواله وفقد فقد كل ما يملك و صار منبوذاً

و في يوم اتاه شيخه في المنام و خاطبه مشفقاً ماذا فعلت بنفسك ايها التعس ألم أخبرك ان توزع المسك علي أهل القرية جميعاً بالتساوي ألم افهمك أن هذا المسك قوامه العدالة ؟

رد الفتي أي شيخي غرني الشيطان و ملأ نفسي الكبر و الطمع فأضعت ما بين يدي أضعت الناس و أضعت نفسي و أخشي ان ألقي الله و قد ضيعت حقوق كل هؤلاء الناس فماذا افعل

رد عليه الشيخ بإشفاق : قم يا بني و انفض عنك غبار الدنيا و عد إلي تلك الكتب التي رأيتني اقضي السنين أمامها اصنع هذا المسك تواضع و تعلم و أبدأ بداية جديدة و أصنع للناس عطراً جديداً قم يا بني و أبدأ فهناك عالم ملهوف ينتظرك فلا تخذلهم ثانية.


اكتشاف المزيد من مجلة رؤى

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنا عشر − سبعة =

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

اكتشاف المزيد من مجلة رؤى

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading