تكثر الأحاديث حول عمليات الخطف و السرقة لاسيما في الدول التي تعاني من تدهور الوضع الأمني , مؤخراً تواترت الأخبار عن محاولات خطف أو سرقة استخدم فيها الخاطفون مواداً مخدرة قوية تجعل الأشخاص يغيبون عن الوعي بمجرد استنشاقها أو تجعل التحكم بالضحايا سهلاً لدرجة أن الشخص قد ينفذ تعليمات الخاطف كما لو كان مسلوب الإرادة . فهل حقاً هذه الروايات صحيحة و هل توجد بالفعل مواداً مخدرة قادرة على إفقاد الناس وعيهم أو سلبهم إرادتهم بمجرد الإستنشاق أو اللمس ؟
مؤيدون و معارضون
في الحقيقة بحثت عن المعلومة و لم أعثر على تأكيدات واضحة من السلطات بل نفي في معظم الأحوال على الأغلب في محاولة لإبراء أنفسهم من تهمة التقصير في البحث و التقصي فلم نسمع عن تحقيقات جرت حول الأمر حتى الآن.
لم يأت النفي من السلطات وحدها فقد انبرى بعض الأطباء على مواقع التواصل الإجتماعي في دحض المعلومة على اعتبار أن تلك المواد القادرة على التخدير عبر الهواء أو عبر الجلد ليس لها وجود و أنه لو كان لها وجود لكان اطباء التخدير قد استخدموها .
بصراحة لا يبدو هذا التفسير مقنعاً بما فيه الكفاية فهناك الكثير من المواد المجهولة المصدر و التركيب و الغير مسجلة و التي قد تستخدم لأغراض الجريمة حصراً , هذه المواد غير الشرعية قد لا يراعى فيها عنصر الأمان على صحة البشر و و هي مواد لن يسعى المجرمون لتسجيلها أو اعتمادها من قبل الـ FDA مثلاً كي يستخدموها لذلك .
البعض أيضاً ارجع تواتر هذه القصص إلى حالة التوهم التي أصابت الكثير من الفتيات بسبب الأوضاع الأمنية غير المطئنة و القصص الكثيرة التي قد سمعنها و أن الأمر لا يعدوا كونه مجرد وهم .
بحث بسيط على شبكة الإنترنت بين المواقع الإخبارية اظهر أن جرائم مماثلة حققت فيها الشرطة في العديد من الدول الغربية و كانت القصص قريبة للغاية من القصص المروية في مصر
على سبيل المثال اعتقلت الشرطة الباريسية اثنتان من النساء الصينيات ورجل واحد يشتبه فى انهم سرقوا عشرات الاشخاص بإستخدام المخدرات القوية. ووفقا لصحيفة ‘تلغراف’، الضحايا معظمهم من كبار السن، في الدائرة العشرين في باريس، كانت المرأتان تقتربان من الضحايا ثم يتم نفخ المادة في وجوههم والاستفادة من خضوع الضحايا لسرقتهم. ويعتقد ان المشتبه فيهم الثلاثة هم جزء من شبكة اجرامية دولية ‘متخصصة فى الإخضاع العقلي’، وفقا لما ذكرته صحيفة لو باريسيان الفرنسية.
وقال مصدر مقرب من التحقيق لصحيفة لو باريسيان: ‘إنهم يأخذون الضحايا إلى ديارهم، حيث يطلب منهم وضع كل ما لديهم من مجوهرات وأموال في كيس وتسليمها لهم’. وقال المصدر ان هؤلاء الذين استهدفوا قالوا انهم يتذكرون انهم فى حالة ‘منومة تحت التأثير الكامل للمخدر’.
https://goo.gl/dVK13C
مجلة Vice أجرت تحقيقاً في كولومبيا البلد الأشهر بمخدر أنفاس الشيطان و تحاورت مع عديد من السكان المحليين و شهود العيان و الذين تحدثوا عن حوادث متنوعة تمت بهذا المخدر و عن تأثيره القوي على الضحايا و قدرته على سلب إرادتهم و تحويلهم لآداة في أيدي المجرمين.
https://youtu.be/ToQ8PWYnu04
مقالة منشورة في الموقع الطبي المرموق Drugs.com تحدثت عن هذا المخدر و تأثيراته على الضحايا و أكدت على فعاليته خصوصاً في حالة تعاطيه عبر الفم و لم ترجح أن استخدامه عبر نفخه في الهواء أو رشه على المناديل أو الكروت و غيرها قادر على إحداث التأثير الكافي للسيطرة على الضحية و إليك ترجمة سريعة لبعض ما ورد في المقالة .
مخدر “نفس الشيطان” اسطورة محلية أم أكثر المخدرات رعباً في العالم ؟
عندما يحاول شخص أن يعطيك بطاقة عمل أو يبيعك علبه مناديل في الشارع ، هل يجب أن تفكر مرتين قبل أن تأخذها ؟
البعض يقول ‘نعم’. هناك قصص منتشرة أن مادة كيميائية تعرف باسم ‘انفاس الشيطان’ أو “نفس الشيطان” قد وجدت طريقها للإنتشار في جميع أنحاء العالم، و أن نفخ هذه المادة في وجه السائحين أو غمس الكروت الشخصية فيها ربما تستخدم لسرقة السائحين الغافلين عن الخطر .
النتائج؟ حالة ‘مثل الغيبوبة أو فقدان الشعور’ تترك الضحايا غير قادرين على السيطرة على أفعالهم، مما يجعلهم عرضة لخطر إفراغ حساباتهم المصرفية، وسرقة منازلهم، و هواتفهم أو اغتصابهم على ايدي مجرمي الشوارع أو حتى سرقة أعضائهم.
ويستمد نفس الشيطان من زهرة شجيرة ‘بوراشيرو’، الشائعة في كولومبيا بأمريكا الجنوبية. البذور، عندما تحول إلى مسحوق ويتم استخراجها عن طريق عملية كيميائية، تحتوي على مادة كيميائية مماثلة لـ مادة سكوبولامين تسمى ‘بوراندنغا’. وقد استخدمت بوراشيرو لمئات السنين من قبل الأمريكان الأصليين في الطقوس الروحية. ويقال إن المركب يؤدي إلى حالة من فقدان الوعي تشبه الهلوسة , الصور المخيفة، وتسلب الإرادة الحرة.
يمكن أن يحدث فقدان الذاكرة، مما يجعل الضحية عاجزة عن استدعاء الأحداث أو تحديد الجناة. ووفقا لمقال صحيفة وول ستريت جورنال عام 1995، كان حوالي نصف حالات دخول غرفة الطوارئ في بوغوتا، بكولومبيا ناتجة عن التسمم بالبوروندانجا. مادة سكوبولامين و تسمى أيضاً لوفو-دوبويزين وهيوسين موجوده في عشبة جيمسون (داتورا سترامونيوم)، وهو نبات واسع الإنتشار على مستوى العالم .
للعلم – هذا العقار الموجود في الشارع هو متاح في شكل وصفة طبية، أيضا. إذا كنت تعاني من دوار البحر، فربما تكون قد استخدمته في صورة عقار سكوبولامين (ترانسديرم سكوب) . العنصر النشط متاح في 1 ملليغرام يتم امتصاصه عبر الجلد من لاخلال لاصقة ترتديها وراء أذنك للمساعدة في تجنب دوار الحركة أو الغثيان و القيء بعد العمليات الجراحية . الدواء يمتص ببطء من خلال الجلد من غشاء التحكم في معدل الإمتصاص . اللاصقة يتم ارتداؤها لمدة ثلاثة أيام قبل أن يتم استبدالها. الجرعات المنخفضة وبطء الامتصاص يساعد على منع الآثار الجانبية الشديدة لدى معظم الناس. لا يتم تصنيف لاصقات سكوبولامين عبر الجلد من قبل DEA باعتبارها مادة خاضعة للرقابة.
وفي كولومبيا، حيث يبدو أن استخدامه يتم على نطاق واسع، فإن ‘التقديرات غير الرسمية’ لأحداث استخدمت فيها مادة سكوبولامين تبلغ حوالي 000 50 سنويا. الجرعات الكبيرة من سكوبولامين يمكن أن تسبب ‘فشل الجهاز التنفسي والموت’. ومع ذلك، فإن هذه الآثار تكون بسبب تناوله عن طريق الفم في ‘شكل سائل أو مسحوق في الأطعمة والمشروبات’، وليس النفخ في الوجه أو الإمتصاص عن طريق الجلد . وليس من المستغرب أن معظم هذه الحوادث الكولومبية وقعت في النوادي الليلية والحانات، يذكرنا هذا المخدر الرهيب المستخدم في الاغتصاب روهيبنول.
ومع ذلك، الأحداث في كولومبيا لديها تطور مثير للاهتمام: غالبا ما يستهدف الرجال الذين يظهرون اغنياء من قبل النساء الشابات والجذابات و ليس العكس.
من الناحية الدوائية، يصنف السكوبولامين كدواء مضاد للكولين وقلويد البلادونا. الآثار الجانبية مثل جفاف الفم، وعدم وضوح الرؤية، والصداع، واحتباس البول، والدوخة يمكن أن تحدث حتى في الجرعة المنخفضة المستخدمة عبر الجلد. الجرعة الزائدة يمكن أن تؤدي إلى معدل ضربات قلب سريع شديد الخطورة، اتساع حدقة العين ، الذهان التسممي، والارتباك، والهلوسة ، و نوبات الصرع أو الغيبوبة،
حوادث استخدام سكوبولامين قد تم رصدها في جميع أنحاء العالم . وفي باريس، ظهر تقرير من مجلة ‘نيوزويك يوروب’ أن كبار السن يستهدفون من قبل شبكة دولية صينية. كما حذرت وزارة الخارجية الامريكية على موقعها على الانترنت ان المسافرين الى كولومبيا قد يتعرضون لخطر السرقة بسبب المجرمين الذين يستخدمون مجموعة متنوعة من الادوية وليس فقط سكوبولامين. ونشرت تقارير حالة طبية عن نساء من لندن يعانين من الصداع لفترة طويلة بعد التعرض السري المحتمل للسكوبولامين. تتوفر تقارير عن الاستخدام غير القانوني لل سكوبولامين في الولايات المتحدة، ولكن لا أساس لها. ومن الصعب تأكيد موثوقية هذه التقارير كلها.
ومع ذلك، فإن هذه القصص الإخبارية تسلط الضوء على نقطة سفر مهمة. لمنع الاعتداء بسبب سكوبولامين، أو أي عقار آخر، اتبع هذه القواعد، على النحو الموصى به من قبل وزارة الخارجية الأمريكية:
- لا تترك الطعام أو المشروبات دون مراقبة عند السفر.
- لا تقبل الطعام أو المشروبات من الغرباء أو من تعرفت عليهم حديثاً .
- يفضل السفر في مجموعة كبيرة عندما يكون ذلك ممكنا، ولا يجب المغادرة مع شخص غريب.
- تحقق دائما من تحذيرات وزارة الخارجية والسلامة قبل السفر إلى بلد أجنبي.
- طلب المساعدة الطبية على الفور إذا كنت تعتقد أنك تعرضت للتخدير.
هل نفس الشيطان هو فعلا سكوبولامين أم أنها أسطورة حضرية أو هي بعض المخدرات الأخرى غير المعروفة التي تستخدم ضد السياح؟ ربما انها مزيج من الثلاثة احتمالات.
استخدام المخدرات للضحايا في حوادث السرقة أو الاغتصاب يمكن أن يحدث محليا ودوليا. وبسبب ذلك، ينبغي أن دائما وجود جرعة من الحس السليم لتجنب الوقوع في هذا الشرك، سواء في حالة السفر إلى الخارج أو مجرد الخروج ليلاً في مسقط رأسك فإن الحذر مطلوب.
اترك تعليقاً