إذا كانت السحب قادرة على توليد الكهرباء وإرسال الصواعق فلماذا لا نستخدم التقنية ذاتها لإنتاج الكهرباء ؟!
في ليلة عاصفة يمكنك أن ترى بوضوح أن السحب قادرة على توليد الكهرباء ثم تفريغها في صورة برق، لكن كيف يحدث ذلك؟ وهل يمكننا استغلال هذه الكهرباء ؟ والسؤال الأهم اليوم هو هل بإمكاننا محاكاة ما تقوم به السحب لإنتاج الكهرباء من الهواء وقطيرات بخار الماء فقط؟
أظهر فريق من مهندسي جامعة ماساتشوستس حديثًا أنه حصاد الكهرباء من أي مادة تقريباً بما في ذلك الرطوبة الموجودة في الهواء. يكمن السر في القدرة على تثقيب مادة موصلة بفتحات دقيقة للغاية ذات قطر أقل من 100 نانومتر مما يفتح باباً واسعاً لاستخراج الكهرباء النظيفة من الهواء الرقيق.
يحتوي الهواء على كمية هائلة من الشحنات الكهربية. فكر في السحب، هي مجرد كتل من قطرات الماء. تحتوي كل تلك القطرات على شحنات سالبة وموجبة، وبسبب الشوائب العالقة فيها، وعندما تكون الظروف مناسبة، يمكن للسحابة أن تنتج صاعقة.
ولأننا لا نعرف كيف نلتقط الكهرباء بشكل موثوق من الصواعق. قام العلماء بإنشاء سحابة صناعية صغيرة يمكنها إنتاج الكهرباء بشكل قابل للتنبؤ والاستمرار. ولتحقيق هذه المهمة الدقيقة بكفاءة عالية وسهولة لجأ العلماء لاستخدام مادة خاصة مصنوعة من أسلاك نانوية من بروتين تنتجه بكتريا فريدة تستطيع توليد الكهرباء تسمى بكتريا جيوباكتر أو البكتريا الأرضية.
البكتريا الأرضية Geobacter sulfurreducens : هي بكتيريا اللاهوائية تعيش في التربة والرواسب الطينية. تمتلك هذه البكتيريا خاصية فريدة تسمى “التفاعل مع الكهرباء الطبيعية”، حيث يمكنها الاستفادة من المعادن الموجودة في الرواسب لتحويلها إلى مصدر للطاقة.
تعيش البكتريا الأرضية في ظروف قاسية داخل فوهات البراكين أو في أعماق سحيقة بقاع المحيط أو داخل الأمعاء، ولذلك تولِّد إلكترونات لاستخلاص الأكسجين لتتنفسه. تنمو البكتريا الأرضية في مستعمرات تشبه الحصائر الرقيقة، وتتصل ببعضها من خلال سلسلة أسلاك نانوية طبيعية،
أدرك العلماء بعد اكتشاف هذه البكتيريا أن توليد الكهرباء من أي نوع من المواد ممكن حقا بما في ذلك الهواء طالما أن هذه المادة تحتوي على فتحات أصغر من 100 نانومتر، أو أقل من ألف جزء من عرض شعرة إنسان، وذلك بسبب ما يعرف بـ “المسافة الحرة المتوسطة”، أي المسافة التي يسافر فيها جزيء واحد من مادة ما في الهواء -في هذه الحالة الماء- قبل أن يصطدم بجزيء آخر من نفس المادة.
عندما تتعلق جزيئات الماء في الهواء، فإن مسافتها الحرة المتوسطة حوالي 100 نانومتر. لذلك صمم العلماء جهاز استخراج الكهرباء استنادًا إلى هذا الرقم. يصنع الجهاز من طبقة رقيقة من البكتريا التي يتم تنميتها ثم تترك لتموت مخلفة شبكة أسلاك نانوية أصغر من 100 نانومتر.
ستتيح هذه الشبكة لجزيئات الماء الانتقال من الجزء العلوي إلى الجزء السفلي من المادة وبسبب صغر حجم كل فتحة، ستصطدم جزيئات الماء بسهولة بحافة الفتحة أثناء مرورها من خلال الطبقة الرقيقة وهذا يعني أن الجزء العلوي من الطبقة سيتعرض لعدد أكبر من جزيئات الماء التي تحمل الشحنة مما في الجزء السفلي، مما يخلق تفاوتًا في الشحنة، مثلما في السحاب عند انتاج الكهرباء. سيخلق هذا بطارية تعمل بشكل فعّال طالما وجدت رطوبة في الهواء.
يقول دكتور جون ياو مؤلف الدراسة “الفكرة بسيطة، ولكنها لم تكتشف من قبل، وتفتح كل أنواع الاحتمالات.” يمكن تصميم الجهاز من جميع أنواع المواد بتكلفة مناسبة وقابلة للتكيف مع البيئة.
ونظرًا لأن الرطوبة موجودة دائمًا في الهواء ، سيعمل الجهاز على مدار الساعة، ليلاً ونهاراً، في الأمطار أو في ظروف غير ملائمة لتقنيات أخرى مثل الطاقة الشمسية أو الرياح التي تعمل فقط في ظروف معينة.
وأخيراً، بما أن الرطوبة الهوائية تنتشر في الفضاء ثلاثي الأبعاد وسمك جهاز Air-gen هو فقط جزء صغير من عرض شعرة إنسان، يمكن تكديس الآلاف من هذه الأجهزة بشكل فعّال فوق بعضها البعض، مما يزيد من كمية الطاقة بشكل فعّال دون زيادة في مساحة الجهاز. هذا يعني أن جهاز مثل هذا قادر على توفير طاقة بمستوى كيلووات للاستخدام الكهربائي العام.
مصدر
Engineers at UMass Amherst Harvest Abundant Clean Energy from Thin Air, 24/7 : UMass Amherst