حينما درسنا العلوم كانت الكتب تعطي نبيذات مختصرة عن تاريخ العلوم، كان هناك نمطاً ملحوظاً دائماً في تلك الكتابات، كل شيء يبدأ وينتهي بعلماء يحملون أسماء غربية .تضع الكتب صورهم بتلك الأزياء ذات الياقات الغريبة والشعر المستعار الذي يظهر أن أغلبهم ينتمي لحقبة زمنية محددة حديثة نسبياً وكأن لا شيء قبلها.
فإذا عدنا للوراء نقفز مباشرة إلى أرسطو و سقراط وجاليليو على الرغم من مئات السنوات التي تفصل هؤلاء عن هؤلاء … هذه الحقبة التي تم إلغاءها عمداً من تاريخ العالم كانت الحقبة الإسلامية وهي الحقبة العلمية الأكثر ازدهاراً في تاريخ البشرية لو استثنينا المائة سنة الأخيرة !
الدكتور روي كاساغراندا هو أستاذ العلوم السياسية في القسم الحكومي في كلية أوستن المجتمعية وهو رئيس ومؤسس مدرسة أوستن الأمريكية وقد سبق لدكتور روي أن تناول مواضيع تلقي الضوء على الشرق الأوسط والإسلام من منظور تاريخي وسياسي ، لعل أشهر محاضراته هي محاضرته حول شخصية خالد بن الوليد التي تجاهلها الغرب تماماً .
في محاضرة “كيف أنقذ الإسلام الحضارة الغربية” التي تم نشرها منذ أيام ، يقاوم كاساغراندا نموذج الفجوات المصطنع بين الشرق والغرب ويظهر كيف أن ما يسمى ب “العصور المظلمة” كانت في الواقع فترة ذات إنجازات فكرية هائلة.
بعد توضيح التناقضات داخل بناء نموذج الحضارة الغربية ، يدرس الدكتور كاساغراندا كيف كان الفلاسفة الفرس المسلمون واليهود والمسيحيون والعرب المسلمون جزءاً من نموذج عالمي للحضارة وكيف أنهم وضعوا لبنات الحضارة الغربية الحالية وطوروها بينما كانت أوروبا تتخبط في ظلمات الجهل و التخلف في العصور الوسطى.
يبرز روي كاساغراندا أيضاً كيفية انتقال العلوم من بين الأمم وهي الجهود التي توجت بمزج المسلمون ما بين تلك الحضارات والثقافات ودمجها بتسامحهم ودولتهم الموحدة مترامية الأطراف ليطلقوا نموذجاً جديداً وتوليفة علمية شكلت أسس الحضارة الحديثة التي نراها اليوم.
المحاضرة باللغة الإنجليزية
الحضارة الغربية لم تقتبس فقط من علوم المسلمين بل من عمارتهم أيضاً ، وهو ما وصفته ديانا دارك، مؤلفة الكتاب الحائز على جائزة “السرقة من الساراسين” والساراسين هنا هي المسمى الذي أطلقه الأوروبيون على العرب والمسلمين في حقبة العصور الوسطى وهي كلمة على غرابتها عربية الأصل فهي تحريف لكلمة السارقين … !
تبرز ديانا دارك عبر صفحات كتابها ، كيف شكلت العمارة الإسلامية أوروبا وكيف مرت الأساليب والأفكار المعمارية من مراكز الشرق الأوسط النابضة بالحياة، مثل دمشق وبغداد والقاهرة، ودخلت أوروبا عبر بوابات بما في ذلك إسبانيا المسلمة، صقلية ، والبندقية من خلال حركة الحجاج والأساقفة والتجار والصليبيين في العصور الوسطى .
في الحقيقة ادعوك لمشاهدة هذه المحاضرات الغنية والمسلية في الوقت ذاته بعقلية تختلف عن عقلية التباهي بما أنجزه السابقون وإنما لتفهم وتعرف ما الذي حدث حقاً، كيف يحدث الانتقال من الحضارة إلى التخلف ومن الانحطاط للحضارة هذا مهم حقاً لأن تحديد المشكلة هو الخطوة الأولى التي تضعنا على أول طريق العلاج .
اترك تعليقاً