في ظل أزمة خانقة سببها ارتفاع أسعار اللحوم، طالب إعلاميون مصريون الجمهور بإعادة النظر في مسألة رفض تناول لحوم الحمير والخيول مما أثار موجة كبيرة من السخط و التساؤل حول الهدف من طرح مثل هذه الأسئلة.
يعتبر تناول لحم الحمير محرماً في الشريعة الإسلامية وبالتالي فإن مجرد طرح مسألة تناول لحم الحمير تعني بالضرورة مجافاة للشرع ورفض بعض ما جاء به وهو ما يعد من الكبائر في الإسلام أو ربما أكثر من ذلك وفقاً لأقوال العلماء .
والآن بعيداً عن الأمور الفقهية، دعنا نذهب مذهب آخر ونعيد صياغة التساؤل لكن هذه المرة سنحاول الإجابة عليه من الناحية المنطقية والعقلانية.
لماذا علينا تناول لحم الحمير ؟ ولماذا تجنب البشر تناول لحوم الحمر الأهلية في أغلب الأماكن حتى أولئك الذين لا يؤمنون بدين؟ ما هي القيمة التي سيضيفها لحم هذا الحيوان الذي رفض البشر تناوله على مدار التاريخ باستثناء بعض المجتمعات البدائية في أفريقيا وقائمة طعام الصينيين الغريبة والتي تعود إلى زمن المجاعة الكبرى في الصين؟
هناك العديد من الأسباب التي تجعل من غير المستحسن تناول لحوم الحمير ، تتراوح ما بين المخاوف الأخلاقية إلى المخاطر الصحية:
أولاً : الحمير حيوانات اجتماعية عالية الذكاء كالكلاب والقطط، غالبًا ما تستخدم الحمير في النقل وأعمال المزرعة وهذا هو أفضل ما تجيده لذلك غالبًا ما يُنظر إليهم من قبل البشر الطبيعيون على أنهم رفقاء وشركاء في العمل، هذا يجعل من الصعب على أغلب البشر تبرير استهلاك لحومهم.
ثانياً : ناقلة لبعض الأمراض ! غالبًا ما يرتبط لحم الحمير بخطر نقل الأمراض إلى البشر. من المعروف أن الحمير تحمل عددًا من الأمراض ، بما في ذلك الحمى المالطية التي يمكن أن تسبب أعراضًا شبيهة بأعراض الأنفلونزا وأمراض مزمنة لدى البشر.
ثالثاً : لأن الحمير مهددة بالإنقراض ! نعم تماماً كما قرأت فإن الحمير على قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض بسبب استهلاك الصينيين لها . وفقاً لصحيفة الميرور البريطانية فإن الطلب المتزايد لدى الصينيين على جلود الحمير لإنتاج مادة الأيجياو وهو منتج يستخدم في الطب الصيني التقليدي ومستحضرات التجميل أدى إلى ما يقدر بنحو 10 ملايين عملية ذبح كل عام. ولتلبية الطلب المتزايد، تم استهداف الحمير في أفريقيا والبلدان النامية في جميع أنحاء العالم بالملايين – وبمعدلات الانخفاض الحالي ربما تختفي الحمير تماما من أجزاء كبيرة من العالم في أقل من 10 سنوات !
رابعاً : الحمير غير اقتصادية في انتاج اللحوم والألبان ! لم يكن اختيار البشر للحيوانات المجترة كالبقر و الأغنام والجاموس والجمال عبثاً ، فتربية الحمير لإنتاج اللحم أو اللبن ليس اقتصادياً على الإطلاق ولا يقدم أي فائدة تذكر تجعله يتفوق على الحيوانات المجترة مما قد يكون له تأثير سلبي على البيئة أيضاً.
فبالرغم من كون الحمير حيوانات شديدة التحمل ومناسبة تمامًا للبيئات القاسية ، إلا أنها قد تستهلك موارد كبيرة لتربيتها وتقدم معدلات تحويل منخفضة وهذا الاستهلاك يشمل الأرض والمياه والغذاء ، وهي الموارد ذاتها التي يمكن استخدامها بشكل أفضل لتربية قطعان الحيوانات المجترة عالية الإنتاج والدواجن أو حتى استخدام هذه الموارد لدعم أشكال الزراعة المنتجة للغذاء بدلاً من إهدارها على الحمير !
مما سبق نخلص إلى أن استخدام لحوم الحمير لحل أزمة الغذاء لن يفعل شيء سوى زيادة الطين بله، فتربية الحمير للغذاء أمر سخيف بقدر سخافة حمل الحمار على كتفيك بدلاً من امتطاؤه !
في الحقيقة يبدو جحا أكثر ذكاءاً من بعض الإعلاميين في بلادنا فهو على الأقل لم يفكر يوماً في ذبح حماره !