عريضة لحظر استخدام الماء

في تجربة تلفزيونية قام بها برنامج بين و تيللر أحد برامج التليفزيون الأمريكي ,  قام فريق العمل بطباعة الآف المنشورات التي تدعو الناس لحظر استخدام مادة كيميائية تدعي داي هيدروجين-مونوأكسيد , كل ما كان فريق العمل يقوم به هو أنه يشرح استخدامات هذه المادة الكيميائية التي تدخل في كل شئون حياتنا بداية من الري و حتي أطعمة الأطفال و التي قد يسبب ابتلاع كميات كبيرة منها موت محقق , كما ان كل من يقومون بإستخدام هذه المادة معرضين للموت بنسبة 100% !

 و بالفعل تحمس المئات للتوقيع علي العريضه لحظر تلك المادة التي بدا لهم أنها خطيرة بالفعل لتتضح الحقيقة بعد ذلك أن تلك المادة ما هي إلا الماء ! العجيب أن بعض ممن تم سؤالهم كانوا يحملون في أيديهم زجاجات مياه !

هذه الخدعة القديمة تم استخدامها فيما يبدو العديد من المرات لتنبيه الناس إلي أهمية المعرفة العلمية و تم استخدامها في هذا البرنامج لإظهار مدي الهوس البيئي لدي البعض لكن دلالات نجاحها في خداع الناس أعمق مما تبدو :-

لعبة الإيحاء :

لقد تقبل الناس فكرة حظر الماء تلك بمجرد أن تم إخبارهم بأنها مادة كيميائية تدخل في كل شئون حياتهم و دون كذبة واحدة و بمجرد الإيحاء بخطورة القضية تمكن من قام بطرحها من التلاعب بعواطفهم و توجيه الرأي العام لقضية أبعد ما تكون عن الحقيقة أو الصواب 

الإنطباع الشخصي

ربط الناس بين كون القائمين علي الأمر باعتبارهم (ناشطين بيئيين) يسعون لجمع توقيعات في ( عريضه ) دون أي دلاله علي ذلك سوي مجرد إدعاء و بمجرد استخدام تأثير الإنطباع الشخصي و هو ما يدل علي أهمية النواحي الشكلية في التأثير علي انطباعات الناس.

سلاح الجهل

الناس قليلاً ما يكلفون أنفسهم عناء البحث فيما يصل إلي مسامعهم و في كثير من الأحيان يكتفون بما يقال لهم و يعطونه مصداقية دون أي ارضية حقيقية أو خلفية علمية تتعلق بهذا الأمر . بل إن البعض قد يتبني بحماس قضايا لا تمت للحقيقة بصلة لمجرد أن فلان قال أو علان قال ذلك دون التثبت من مصدر المعلومة و مدي مصداقيتها . نعم ! وقع المئات علي عريضة تحظر استخدام أهم مادة نستخدمها في حياتنا و لا نستطيع العيش بدونها فعلوها و لسان حالهم يقول أنا لا أفهمك لكن الأمر يبدو خطيراً !

ربما فعلها هؤلاء بغرض الترفيه أو الضحك لكن هناك آخرين يفعلونها لأسباب مختلفة فيقدمون خدع رخيصة للناس علي طبق من فضه و يبيعون لهم الوهم و يسوقون لهم الكذب البواح ليل نهار مستغلين جهلهم ليحصلوا علي توقيعهم علي أغلي ما يملكون دون إدراك للعواقب و دون قابلية للتراجع أو كاميرا خفية يخرج من وراءها شخص مبتسم يخيرهم لو عايز تذيع نذيع !

كتبه : محمد علي ماهر


اكتشاف المزيد من مجلة رؤى

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

14 − 11 =

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

اكتشاف المزيد من مجلة رؤى

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading