أصابت حالة من الدهشة والقلق سكان العديد من المناطق الساحلية على ضفاف حوض المتوسط بسبب انحسار البحر المتوسط بشكل مفاجئ، حيث تراجعت مياه البحر عدة أمتار وانخفض منسوب المياه في العديد من السواحل بشكل غريب وفقاً لشهادات السكان المحليين في تلك المناطق. فما هي أسباب هذا التراجع وهل له علاقة بزلزال تركيا ؟
في الحقيقة هناك العديد من العوامل التي قد تتسبب في انحسار مياه البحر منها ظاهرة المد والجذر الطبيعية أو التبخر بسبب إرتفاع درجات الحرارة أو كعلامة على إحتمالية حدوث موجات تسونامي بعد الزلازل الكبيرة أو حدوث صدوع أدت لتصريف جزء من المياه إلى باطن الأرض.
مشاهد انحسار البحر المتوسط
مشاهد تراجع البحر تم رصدها من السكان في عدة بلدان منها مصر ولبنان وفلسطين والجزائر وليبيا حيث وصلت مسافة انحسار البحر إلى ما يقارب العشرين متراً كاملة في بعض المناطق.
في مصر تراجع البحر في العريش وبئر العبد وعدة مدن مسافة تصل إلى 10-15 متر كاملة كما شهد منسوب البحر تراجعاً في مدينة الإسكندرية أيضاً.
في لبنان أظهرت الصور “انحسار مياه البحر” في منطقة عدلون، وظهرت تصدعات في الصخور بأحد الشواطئ، وهو ما أثار موجة من الذعر بين الناس.
انحسر الماء أيضاً في شواطيء عكا بفلسطين وفي إيطاليا وجفت قنوات مدينة البندقية
إختفاء البحر المتوسط !
إذا جف البحر المتوسط أو اختفى فلن تكون هذه هي المرة الأولى في الحقيقة هناك شواهد تاريخية على جفاف المتوسط عدة مرات على مدار ملايين السنين كان آخرها منذ حوالي 2600 عام فقط ! لا يزال سبب اختفاء البحر المتوسط في الماضي غير معروف ، لكن يعتقد العلماء أنه ناتج عن مجموعة من العوامل ، بما في ذلك التغيرات في القشرة الأرضية وتغيرات المناخ. وقد كان لاختفاء البحر آثار كبيرة على الحياة البحرية والبيئة.
كان اختفاء البحر المتوسط عدة مرات لغزا لعدة قرون. في عام 2011 ، اكتشف علماء الأحافير نوعًا من الأرانب العملاقة في جزيرة مينوركا الإسبانية التي عاشت خلال عصر البليوسين وكانت أحجامها العملاقة دليلًا على انعزالها لفترة طويلة . ومع ذلك ، كان سبب اختفاء البحر الأبيض المتوسط لغزا. اقترح بعض الباحثين حدوث تبريد عالمي ، أو انغلاق مضيق جبل طارق بين المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط ، أو تغيرات القشرة الأرضية وتغير المناخ. الباحثون الذين توصلوا إلى الفرضية الثالثة كانوا على حق تقريبًا.
آخر مرة اختفى فيها البحر الأبيض المتوسط كانت منذ حوالي 2600 عام ، لكن الأدلة الحديثة تشير إلى أن حوض المتوسط امتلأ بسرعة أكبر مما كان يعتقد سابقًا. لا يزال العلماء يجدون أدلة على اختفاء البحر الأبيض المتوسط ، مثل أحافير الأفيال الصغيرة والترسبات الملحية المركزة في طبقات الأرض تحت البحر. لذا من المحتمل أنه لو إذا تكررت الظروف ذاتها من حركة الصفائح التكتونية وتغير المناخ ، فقد يحدث ذلك مرة أخرى.
التفسيرات العلمية لتراجع البحر المتوسط
هناك عدة تفسيرات لحدوث انحسار في مياه البحر المتوسط دعنا نتناولها ونتحقق من صحتها الواحدة تلو الأخرى وفقاً للأدلة المتاحة لدينا و لأقوال العلماء
1. تمهيد لحدوث تسونامي ؟
أحد علامات حدوث تسونامي هو انحسار مياه الشاطيء لمسافة كبيرة قبل أن تعود المياه في صورة أمواج عاتية، من الصعب حدوث هذا التصور في البحر المتوسط لأن مياه البحر المتوسط ضحلة نسبياً مقارنة بمياه المحيطات كما أن موجات تسونامي تتولد بعد الزلازل الكبيرة مباشرة .
والطريقة الوحيدة لحدوث تسونامي في المتوسط تكون بواسطة “حركة رأسية تكسر قشرة الأرض، فيحدث إزاحة رأسية، ينتج عنها إزاحة مائية وتشكل أمواج ضخمة وعالية تسير بسرعة تصل إلى 800 كيلومتر في الساعة، هذا النوع من الأمواج لو حدث فمن المرجح أن يصل إلى الشواطئ في غضون دقائق وليس أيام.
2. تصدع في القشرة الأرضية أدى لسحب المياه ؟
يبدو هذا الاحتمال منطقياً نوعاً ما وقد شهدت العديد من البحيرات و الأنهار أنواعاً من الفوالق التي قامت بسحب المياه وجففتها تماماً ، لكن حجم البحر المتوسط الكبير يجعل هذا الأمر صعب نسبياً كما نفته عدة جهات علمية متخصصة.
3. الجفاف وقلة الأمطار
الجفاف وقلة الأمطار الذي ضرب غرب أوروبا العام السابق ربما أثر على منسوب المياه في البحر المتوسط وساهم في الظاهرة لكنه غير كاف لإحداث هذا الانحسار وحده.
4. ظاهرة المد والجزر
صرحت عدة جهات رسمية في الدول المطلة على البحر المتوسط بأن هذا الانحسار طبيعي . وصرح د مصطفى حجي الخبير الجيولوجي في وكالة ناسا ، أن حركة المد و الجزر القوية التي تشهدها عدة مناطق هي ناتج حركة القمر المعتادة مع تغير هام في الضغط الجوي في فصل الشتاء. الظاهرة مدروسة وليست نهاية الكون و لا هي تسونامي بعد الزلازل.
يرى العلماء أن سبب حالة الجدل والشك والهلع التي أصابت كثير من الناس في حوض المتوسط بسبب الزلزال الكبير الذي ضرب تركيا وهو ما جعلهم يلاحظون الظاهرة ويعلقون عليها كأنها تحدث لأول مرة بخلاف الحقيقة.
اترك تعليقاً