يعد مونتاج الفيديو واحدًا من أبرز الإبداعات التي أوجدها الإنسان في عالم الفن وبات المونتاج مصطلحًا له وقعه الخاص على مسامع الجمهور الذواق ووسيلةً سحرية ترتقي بما تصوره الكاميرات إلى أعلى مستويات الجودة.
ولا يخلو أي فيديو تقريبًا من تأثيرات المونتاج لما لها من دور بارز في تعديل الأخطاء وإضفاء طابع فني رائع يجعل المحتوى على مستوى مميز من الاحترافية. فما أهم ما ينبغي لك معرفته عن تحرير الفيديوهات؟
ما المقصود بمونتاج الفيديو؟
المونتاج هو العملية التي يتم فيها معالجة مقاطع الفيديو وإضافة التعديلات الصوتية والبصرية قبل أن يصل للجمهور كعرض بصري متسلسل ومتكامل العناصر. تقوم هذه العميلة على ترتيب المقاطع المنفصلة لبناء مقطع واحد متجانس بأسلوب مشوق وتسليط الضوء على مشاهد محددة بهدف الحصول على الحبكة الأفضل للقصة.
ينطوي مصطلح مونتاج الفيديو على مجموعة من المهام التي يجب على المونتير أن يكون قادرًا على أدائها بمنتهى المهارة والإتقان وتضم هذه المهام:
- إزالة اللقطات غير المناسبة أو تعديلها بما يخدم المشهد
- انتقاء لقطات مثالية للبداية والنهاية
- ترتيب المشاهد بما يخدم انسياب السرد
- إضافة التأثيرات البصرية والصوتية المناسبة
ملاحظة مهمة: يعود أصل كلمة مونتاج – Montage إلى اللغة الفرنسية ورديفها باللغة الإنجليزية Edit ومعناها بالعربية تحرير أي إن المونتاج والتحرير وجهان لعملة واحدة.
ما أهمية تحرير الفيديوهات قبل نشرها؟
تمنح شركات الإنتاج أولوية قصوى لجعل المحتوى مناسبًا بالشكل الأمثل للجمهور وهنا تتجلى أهمية التحرير في تعديل المادة الفنية وتحسينها بطريقة تلبي متطلبات المشاهدين وترضي تطلعاتهم.
تملك كل فئة من الجمهور خصوصية ومتطلبات مختلفة يتوجب مراعاتها إضافًة إلى تحقيق الهدف من الفيديو إذ تبرز أهمية التحرير في مجموعة من النقاط نذكر منها:
- تحقيق التناغم والتناسق بين عناصر الفيديو بطريقة تجذب انتباه المشاهد.
- تصحيح الأخطاء الدقيقة التي قد تنقص من جودة الفيديو.
- إضفاء لمسة فنية مميزة تترك انطباعًا خاصًا لدى المتلقي.
- تعديل التأثير النفسي لبعض المشاهد بتسليط الضوء على لقطات معينة.
ما خطوات مونتاج الفيديو؟
تتألف عملية مونتاج فيديو من خمس خطوات أساسية مرتبة بطريقة تضمن سير العمل بفعالية وتتيح الفرصة أمام المحرر لتعديل الفيديو بالشكل الأمثل، وهذه الخطوات:
1. الفصل والمزامنة
يفصل المُحرر الوسائط المختلفة وينظمها في مجلدات وفقًا لترتيب معين يسهل الوصول إليها ليتجنب هدر الجهد والوقت. يتم بعدها مزامنة الصوت مع العناصر المرئية وهو ما يُدعى بمزامنة الشفاه كما في مشاهد الحوار وتقدم غالبية برامج المونتاج تقنية مزامنة داخلية تعمل بطريقة احترافية دون الحاجة لعملها يدويًّا.
2. مراجعة الوسائط واستعراضها
يمكن أن يوفر تجاوز هذه الخطوة بعضًا من الوقت إلا أنه قد يعرّض العمل للأخطاء إذ تمنح المراجعة للمحرر فرصة اختيار لقطات أفضل ومناسبة أكثر حتى ولو كان واثقًا من اختياراته الأولية.
من المهم أيضًا في هذه المرحلة العودة إلى الملاحظات المرفقة التي تُملي على المحرر القيام بتعديلات خاصة كحذف عناصر محددة أو التركيز على لقطات معينة. بالإضافة إلى ذلك، يقوم المحرر بتدوين ملاحظاته الخاصة وتسليط الضوء على أفضل اللقطات من وجهة نظره.
3. القطع الأولي
يتم الإشارة إلى التعديلات الفنية الأولية بالقطع الأولي أو القطع الخام وهي المرحلة الأولى التي يبدأ فيها العمل بأخذ شكله النهائي، إذ يتم التأكد من أن المحتوى مفهوم ومتسلسل بأسلوب انسيابي دون التركيز على التفاصيل الدقيقة.
تجري هذه التعديلات على النسخة التي يقدمها المخرج والتي هي مسودة أولية للعمل، لذلك فإن هذه النسخة أطول وتحتمل وجود الأخطاء كما أنها تعد أحد أهم الخطوات في عملية مونتاج الفيديو.
4. القص الدقيق
يتم هنا التركيز على التفاصيل الصغيرة والمعقدة التي تم تجاوزها في المرحلة السابقة، كذلك تأخد التعديلات طابع الإتقان والدقة لضمان خلو المحتوى من الأخطاء الفنية. وتعتمد تعديلات هذه المرحلة على سابقتها وتعد بمثابة تنقية وتحسين للتعديلات أكثر من كونها تعديلات جديدة كليًّا.
5. الإنهاء
هي المرحلة الأخيرة من مراحل مونتاج الفيديو، يقوم خلالها المحرر بمشاهدة العمل عدة مرات لملاحظة ما إذا كان هناك أية تعديلات سيئة إضافًة إلى معاينة مستوى الصوت ودرجة اللون إذ أنه من المفترض أن يكون العمل بعد ذلك جاهزًا للنشر والعرض.
ما أهم التأثيرات الخاصة التي يتم استخدامها في عملية التحرير؟
بات واضحًا أن المشاهد المصورة على اختلاف أطيافها تخضع لمجموعة متنوعة من التأثيرات قبل أن تصل إلينا وتختلف أغراض هذه التأثيرات باختلاف آلية عملها ومواضع استخدامها، نذكر منها:
1. تأثيرات الانتقال
تتكون مقاطع الفيديو من مجموعة لقطات متتابعة يمكن تعديل تتابعها باستخدام هذه التأثيرات عبر تغيير نمط الانتقال بين اللقطات بغرض التأثير على الحالة العامة للمشهد، من الأمثلة عليها:
- ظهور لقطتين معًا على الشاشة يساعد في الانتقال من مشهد لآخر بشكل تدريجي.
- انتقال اللقطات أفقيًا أو عموديًا من أحد الجوانب إلى الآخر ويدعى بانتقال المسح.
2. تأثيرات الزمن
يتناول هذا النوع من تأثيرات المونتاج تسريع الفيديو لتجاوز بعض اللقطات العادية مثل لقطات تقطيع الخضروات في برامج الطهي أو إبطاء الفيديو لجذب انتباه المشاهد وإضافة بعض التأثيرات العاطفية.
يندرج ضمن هذه القائمة أيضًا تسيير الفيديو عكسيًا، إذ ننتقل بالزمن إلى الماضي أو نعود لمشهد سابق.
3. التأثيرات اللونية
تلعب الألوان دورًا مميّزًا في عملية مونتاج الفيديو وكيفية تلقي المشاهد له، على سبيل المثال تسهم الألوان السوداء والبيضاء في لقطات يراد بها الإشارة للماضي بإعطاء طابع كلاسيكي جذاب وأنيق.
تحتاج بعض اللقطات إلى ألوان دافئة من أجل نقل الحالة الشعورية كما في المشاهد الرومانسية، بينما تحتاج مشاهد الحركة والأكشن ألوانًا فاقعة ومثيرة للحماس.
ما المهارات المطلوبة للحصول على مونتاج فيديو احترافي؟
يتطلب الحصول على مونتاج الفيديو الاحترافي أن يكون المحرر مُلمًّا بمجموعة من التقنيات والوسائل وأن يتحلى بالمهارات التي تجعل منه محررًا ناجحًا، نذكر من هذه المهارات:
- الدقة في الملاحظة والاهتمام بالتفاصيل لكشف الأخطاء الصغيرة والنقاط التي تحتاج للتعديل.
- القدرة على التعامل مع برامج التحرير بكفاءة وإتقان للحصول على مونتاج فيديو عالي الجودة.
- التواصل مع فريق العمل وتقبل النقد لتحقيق الفائدة من العمل الجماعي والاستفادة من الخبرات.
- امتلاك نظرة فنية وأفكار خلّاقة تسهم في رفد المحتوى بالإبداع.
- تحمل ضغط العمل والالتزام بتسليم الأعمال وفقًا للجداول الزمنية المحددة.
في الختام يمكننا القول بأن عملية مونتاج الفيديو أضحت حاجة فنية أكثر من كونها مجرد تعديلات اختيارية، بل هي مرحلة مهمة في رحلة تصميم فيديو احترافي، مما زاد درجة الوعي حيال ضرورة الاستعانة بالخبراء لما يتميزون به من الإتقان والحرفية العالية في الحصول على مستوى أعلى من التناغم بين عناصر الفيديو ورفد القيمة الفنية للمحتوى.