يعد التعليق الصوتي اليوم واحدًا من أهم مظاهر التقدم التكنولوجي ولا سيما في مجال تقانة المعلومات بوصفه أداة مبتكرة توفر تواصلًا تفاعليًّا مع المتلقي بطريقة مميزة بعيدًا عن الأساليب الاعتيادية. 

شكلت هذه التقنية نقلة نوعية في مجالات الإعلان والبرامج الوثائقية والتعليمية لما لها من أسلوب مشوق وطريقة فريدة في مناقشة الأفكار وسرد المعلومات المنوعة. فما التعليق الصوتي وكيف تستفيد منه في أعمالك التجارية المختلفة؟

ما المقصود بالتعليق الصوتي؟

يتجلّى مفهوم التعليق الصوتي بإضافة مسار صوتي منطوق أو محكي من متحدث واحد أو أكثر إلى عرض بصري مرئي مما يشد انتباه المشاهد ويجعل العرض أكثر إثارة.

تعود بداية تقنية التعليق الصوتي إلى مطالع القرن الفائت، لكن يقال بأن الاستخدام الأول كان من والت ديزني لصالح المسلسل الكرتوني ميكي ماوس عام 1928.

تطورت بعدها هذه التقنية بصورة مبهرة مرورًا بمرحلة إضافة التعليقات الصوتية إلى الأقراص الليزرية ووصولًا إلى ما هي عليه التقنية اليوم من سهولة الاستخدام وتوفير مختلف الوسائل اللازمة. 

ما الأهمية التسويقية للتعليق الصوتي؟

تكاد لا تخلو الإعلانات المصورة اليوم من التعليق الصوتي كواحد من أهم عناصر الإعلان وإحدى أبرز وسائل الترويج عن المنتجات المختلفة لما تحققه من جذب انتباه المشاهدين. 

نمت عائدات الإعلانات الصوتية بقيمة 350 مليون دولار بزيادة نسبية وصلت إلى 13% وفقًا لدراسة أجريت عام 2020 وبحسب أبحاث باندورا فإن حوالي نصف مستمعي البث الصوتي يجدون الإعلانات الصوتية أقل إزعاجًا وذكر 42% منهم بأن الإعلانات الصوتية تجذب انتباههم بصورة أكبر من الوسائل الإعلانية الأخرى. 

يزيد التعليق الصوتي من جمالية الإعلان لا سيما إن كان التعليق متقنًا وأوفى المنتج حقه في الوصف بأسلوب تسويقي شيّق مما جعله وسيلة الإعلان المفضلة لدى الكثير من الشركات العالمية. 

ما أنواع التعليق الصوتي؟

لا تقتصر التقنية على إضافة التعليقات السطحية، بل تشمل أنواعًا عديدة لكل منها متطلبات خاصة ومهارات محددة تتماشى مع نوع المحتوى والشريحة التي تتلقاه، ومن هذه الأنواع:

1. التعليق الرياضي

يتمثل هذا النوع بالتعليق على الأحداث الرياضية المباشرة بطريقة تضفي على الحدث مزيدًا من التشويق والإثارة ويزيد من حماس المشجعين وانسجامهم مع المحتوى. 

يتطلب التعليق الرياضي أسلوبًا مميزًا وتحضيرًا مسبقًا، إذ من الضروري أن يكون المعلق قادرًا على مواكبة المباراة بكل تفاصيلها بطريقة جذابة تلهب في نفوس المشاهدين حرارة التشجيع. 

2. التعليق الوثائقي والتعليمي

يعد التعليق الصوتي عنصرًا أساسيًّا في تكوين الأفلام الوثائقية والعروض التعليمية المختلفة إذ يُغني عن الشروح المكتوبة ويساعد على ترسيخ المعلومات بصورة أفضل كون المشاهد يستخدم حاستي السمع والبصر. 

يحتاج هذا النوع من التعليق دقة فائقة ومهارة في طرح المعلومات بصورة مبسطة ومتقنة بعيدًا عن التعقيد إضافًة إلى أهمية التأكد من صحة المعلومات قبل طرحها. 

4. التعليق الترفيهي

يشمل التعليق على ألعاب الفيديو وتطبيقات الهواتف بطريقة تكسر الجمود وتمنح المحتوى مزيدًا من المرح والجودة الأمر الذي يجعله مقبولًا كثيرًا لدى المستخدمين. 

تمتاز الألعاب التي يضاف لها التعليق بكونها أكثر واقعية من الألعاب الأخرى كما يزيد التعليق من تفاعل المستخدمين مع المحتوى ويجعله أكثر جاذبية وتشويق. 

ما هي خطوات التعليق الصوتي؟

قد يبدو التعليق للوهلة الأولى عبارة عن تسجيلات صوتية بسيطة إلا أن العملية لا تقتصر على ضغط زر التسجيل فحسب، إنما تتطلب تسلسلًا منظّمًا لمجموعة من الخطوات في سبيل الحصول على أفضل نتيجة، ويمكن تلخيصها في ثلاث مراحل هي:

1. مرحلة ما قبل الإنتاج

يعد التعليق الصوتي واحد من التقنيات التي تحتاج إلى تنظيم الأفكار والمعلومات وتحليل المحتوى بدقة ثم بناء رؤية حول النتيجة النهائية المتوقع الوصول إليها قبل المباشرة بالعمل.

تأتي أهمية هذه المرحلة انطلاقًا من الحاجة لإعداد المادة المراد تقديمها بأسلوب مبتكر يحقق الغاية المرجوة بالارتقاء إلى أكبر قدر ممكن من الفائدة. 

تتميز عمليات المراجعة والتغييرات المنفذة في مرحلة ما قبل الإنتاج بكونها أكثر فعالية وأقل تكلفة مما ستكون عليه في مرحلة الإنتاج أو ما بعد الإنتاج. 

3. مرحلة إنتاج التعليق الصوتي

هي المرحلة التي يتم فيها تسجيل المسارات الصوتية وفقًا للنصوص المجهزة بما يخدم متطلبات المشروع وذلك باستخدام أفضل الأدوات للحصول على مخرجات ذات نوعية عالية.

تعد هذه المرحلة الأكثر حساسية وحاجة للدقة وذلك بغية تقديم محتوى على مستوى عالٍ من الاحترافية وخالٍ من أخطاء. من النصائح المهمة التي يتبعها خبراء التعليق في هذه المرحلة:

• اختيار مكان مناسب للتسجيل لتفادي تأثير الضوضاء على المحتوى.
• استخدام ميكروفون احترافي للحصول على نقاوة في الصوت.
• تسجيل مسارات عدة منفصلة بدلًا من تسجيل كامل المحتوى دفعة واحدة للتقليل من احتمالية الوقوع في الأخطاء.

4. مرحلة ما بعد الإنتاج

بعد كتابة المحتوى النصي وتسجيل المقاطع الصوتية تبدأ المرحلة الأخيرة والتي هي الأطول في غالبية المشاريع، لكنها في الوقت ذاته تعد المرحلة الأسهل لأن العمل يكون قد اكتمل تقريبًا. 

يتم هنا مراجعة العمل وتدقيقه من الأخطاء قبل تقديمه إضافةً إلى التماس تعليقات العملاء وإضافة المؤثرات المطلوبة وختامًا تصدير المخرجات النهائية. 

كيف يختلف التعليق الصوتي عن الدبلجة؟

تقوم الدبلجة على استبدال المسار الصوتي الأصلي للمحتوى بآخر إذ لا يُسمع المسار الأصلي في الخلفية، بعكس التعليق الصوتي والذي يكون فيه المسار الصوتي هو المسار الأصلي والوحيد. 

وتحتاج عملية الدبلجة عادة للترجمة كما في حال دبلجة المسلسلات والأفلام إلى لغة أخرى إضافة إلى ضرورة تزامن الكلام المنطَوق مع حركات شفاه الممثلين وهو ما يعرف بمزامنة الشفاه. 

أيهما أفضل المعلق الصوتي الآلي أم البشري؟

أتاح التقدم التكنولوجي الهائل في مختلف المجالات الفرصة أمام الآلات لتقوم بالعديد من المهمات وتحل محل البشر إلا أنه وحتى يومنا هذا لا زال الإنسان يتفوق على الآلة فيما يتعلق بجودة الخدمات التي يقدمها. 

تعاني برامج التعليق الصوتي الآلي من الأخطاء اللغوية الشائعة إضافة إلى ضعف قدرتها على تغيير نبرة الصوت بما يتماشى مع الكلام المنطوق إذ إن للنبرة أهمية كبيرة في إيصال الأفكار. 

استطاع المختصون بمتانة لغتهم وسلامة نطقهم أن يتفوقوا على برامج التعليق الآلي بما ينقلونه من مشاعر في كلامهم وما يضيفونه إلى المحتوى من قيم ومعاني. 

ما هي معايير اختيار المعلق الصوتي المحترف؟

يتمتع المعلق المحترف بمجموعة من المهارات والتي يتم على أساسها المفاضلة بين المعلقين لاختيار الأفضل والأقدر على إنجاز العمل المطلوب، ومن هذه المعايير نذكر:

1. سلامة اللغة

من الضروري أن يكون المعلق فصيح الكلام وضليعًا في اللغة ليتمكن من صياغة الأفكار وسردها بأسلوب جذاب يشد المتلقي فضلًا عن أن الأخطاء اللغوية في مجال التعليق غير مقبولة إطلاقًا. 

تكون الأولوية عادًة في ميدادين التعليق الصوتي لأصحاب الإجازات الجامعية في مجال اللغة والآداب نظرًا لكونهم متمكنين وقادرين على صنع محتوى عالي الجودة. 

2. أسلوب الإلقاء

لا تغني سلامة اللغة عن المهارة في إلقاء النصوص المكتوبة إذ يلعب أسلوب الإلقاء والاستخدام المناسب لنبرة الصوت دورًا أساسيًّا في لفت انتباه المتلقي للمحتوى. 

3. الخبرة

تتمثل في وجود أعمال سابقة مما يضمن كون المعلق متمرسّا وقادرًا على التعامل مع المعوقات التي قد تواجهه بصورة صحيحة وتلافي الأخطاء التي سبق حصولها.

4. السرعة في الأداء

انطلاقًا من أهمية التعامل مع الوقت كمورد قابل للنفاذ أصبحت السرعة في إنجاز العمل أمرًا ضروريًا ومهارًة يفضل أصحاب الأعمال وجودها لدى المعلقين، الأمر الذي يضمن وتيرة عمل أسرع. 

نختم مقالنا بالقول إن التقدم التكنولوجي جعل من تقنية التعليق الصوتي مقياسًا للتفوق الإعلامي والتسويق الإلكتروني مما حث على أهمية توظيف الخبراء والمختصين القادرين على الارتقاء بالأعمال إلى درجة أعلى من الإبداع ولفت انتباه العملاء للمحتوى المقدم بأسلوبهم الجذاب ولغتهم السليمة.