يواجه أصحاب الشركات العديد من الأزمات المالية نتيجة التداعيات الاقتصادية المتوقع حدوثها في الفترة المقبلة. مما يضطرهم إلى تقليل التكلفة في الشركات في محاولة للوقوف بثبات أمام الأزمة الاقتصادية العالمية. فتقع بعض الشركات في مصيدة تسريح العمالة كي يحافظوا على مستوى جيد من الربح المادي المطلوب، ولكن هل هذا هو المخرج الوحيد لتقليل التكلفة، أم أن هناك استراتيجيات أخرى يمكنك من خلالها الحفاظ على شركتك من تلك الأزمة ودون تسريح للموظفين؟
كيف يؤثر الركود الاقتصادي على الشركات؟
يعد الركود الاقتصادي المحتمل من أشد وأصعب الأزمات الاقتصادية المتوقعة، فبالرغم من الانتعاش الاقتصادي الذي مر به العالم في فترة سابقة، بدأت الحياة الاقتصادية تتراجع للوراء مجددًا وتتصاعد الأخبار التي تؤكد حدوث أزمة مالية عالمية في القريب العاجل.
ولا شك أنك ترغب في النجاة من تلك الأزمة بأقل الخسائر الممكنة، وهو الأمر الذي تفكر فيه كبرى الشركات العالمية كذلك مثل شركة أمازون ونتفليكس، ولا ننسَ بالتأكيد شركة سويفل المصرية، إذ اعتمدوا على تقليل التكلفة في الشركات.
فقامت نتفليكس بتسريح 150 عامل تقريبًا، فيما أعلنت شركة سويفل عن تسريح حوالي 400 موظف بنسبة تبلغ 32% من قوتها العاملة. بينما تنوي شركة أوبر خفض تكاليفها من خلال التوقف عن توظيف عمال جدد، وذلك بعد خسارتها لحوالي 6 مليار دولار هذا العام.
أسباب تقليل التكلفة في الشركات
إن كنت تفكر في السبب الذي يدعو إلى تقليل التكلفة في الشركات المذكورة بخلاف الأزمة الاقتصادية المحتملة، فإن ما يدفع الكثير من تلك الشركات لتسريح العمالة هو اكتظاظها بالعمال والموظفين بما لا يتناسب مع احتياجات العمل. إذ قامت بعض الشركات بتوظيف عدد كبير من الموظفين لمواجهة نقص العمالة في أثناء جائحة كورونا، مما خلق فجوة بين معدل الانتاجية والربح المادي المرغوب.
أيهما مناسب لشركتك، تقليل التكاليف أم زيادة الأرباح؟
قبل الإجابة عن السؤال، علينا التيقن من وجود العديد من العوامل التي تؤثر على كل شركة وتختلف تلك العوامل ما بين شركة وأخرى، سواء كانت ظروف السوق أو نوع الشركة أو اتجاهاتها. فقد يناسب مؤسستك تقليل التكلفة فيما تخالفك مؤسسة أخرى، والأهم أن تصل إلى السبيل الأفضل لتحقيق الاستقرار المادي للشركة. ولذا يمكنك الاختيار بين تقليل التكلفة في الشركات أو زيادة الإيرادات عبر معرفة الفرق بينهما:
- أولًا: زيادة أرباح الشركات
وتعتمد زيادة الأرباح على رفع القيمة التسعيرية للمنتجات، ولكن لا يمكنك الاعتماد على رفع سعر منتجاتك وتنتظر من العملاء شرائها بكل رحابة صدر. بل توجد بعض الأمور الواجب توافرها لتحقيق ذلك وأهمها هي جودة المنتج، فعلى سبيل المثال لدينا شركة رولكس العالمية لصناعة الساعات الفاخرة التي تتميز بأسعارها المرتفعة، وبالرغم من ذلك فهي تحقق إيرادات سنوية عالية. إذ قامت الشركة على مر عقود بتقديم منتجات فائقة الجودة مما ساهم في رضا العملاء عن منتجاتها واقتناء الساعات بالسعر المحدد.
وللوصول لهذه النتيجة يمكنك اعتماد بعض الاستراتيجيات، مثل التعامل مع موردين حاصلين على شهادة معايير الجودة أو موافقة المنتجات لمعايير الصحة والسلامة، وبذلك تزيد سمعة شركتك وتتمكن من رفع الأسعار وتحقيق الربح بدون أي تقليل للتكلفة.
- ثانيًا: تقليل التكلفة في الشركات
بالنظر لما تقوم به الشركات في الوقت الراهن، تجد أن أغلبها يعتمد على تقليل التكلفة سعيًا منها لرفع حجم المبيعات وزيادة الأرباح بصورة سريعة، إلا أن الأمر يعتمد على جوانب أخرى لنجاح هذا المخطط. فتقليل تكلفة شركتك يتحتم معه ثبات أسعار المنتجات مع الحفاظ على الجودة ذاتها قبل الشروع في تقليل التكلفة. وإلا إن انخفضت الجودة سيؤدي ذلك لخفض الأسعار، وعلى هذا الأساس لن يحقق المخطط النجاح المرجو منه.
إذا واجهت صعوبة في آلية تقليل التكلفة، يمكنك إجراء تقييم شامل لمعرفة كلفة البضاعة المباعة وهو ما يُعرف بمصطلح “COGS”. إذ تعتمد هذه الآلية على تقييم المبالغ المدفوعة للإنتاج، سواء كانت تكلفة الموارد المستخدمة أو العمالة وتكاليف التصنيع. وبعد حساب قيمة هامش الربح النهائي ستتمكن من معرفة الطريقة التي يمكنك من خلالها تقليل التكلفة وزيادة الأرباح دون إحداث مشكلات بين العمالة والشركة.
أفضل 4 استراتيجيات تساهم في تقليل التكلفة في الشركات دون تسريح العمالة
من أكثر قواعد تقليل التكلفة في الشركات شيوعًا هي تسريح العمالة أو خفض رواتبهم، ولكن لسوء الحظ تؤدي تلك الخطوة إلى قلب موازين الشركات إن لم تكن مدروسة بالصورة الكافية، فقد تؤدي إلى دفع رسوم نهاية الخدمة وانخفاض الروح المعنوية داخل الشركة، بالإضافة إلى رفع نسبة البطالة.
فإن كنت تواجه أوقاتًا عصيبة في شركتك أو تفضل وضع خطط بديلة لاستخدامها عند الحاجة، ننصحك بوضع سياسة تسريح العمالة في آخر الجدول والاعتماد على واحدة من بدائل تقليص النفقات التالية:
- قلل النفقات الغير ضرورية
حاول التفكير في النفقات التي لا تؤثر على مجريات العمل داخل الشركة، وبعد ذلك ابدأ بخفضها أو منعها تمامًا. على سبيل المثال تقوم بعض الشركات بتقليل التكلفة عبر التوقف عن تقديم الوجبات للموظفين، أو محاولة التقليل من إيجار مكان الشركة، أو تأجيل شراء الأشياء الغير ضرورية لسير عملية الإنتاج أو تقليل توظيف بدوام كامل في بعض الأقسام والاتجاه لخدمات المستقلين في مواقع العمل الحر مثل مستقل أشهر موقع عمل حر في الوطن العربي.
- استخدم قاعدة 80/20
وتعد تلك القاعدة من أهم قواعد خفض النفقات على المستوى العملي والشخصي، الآن اسأل نفسك “ما هو أكثر شيء يدر على شركتك أرباحًا جيدة؟”، “وما هو الشيء الذي يعطيك أقل عائد مادي متوقع؟”. ومن هنا حدد الأولوية التي تسير عليها الشركة في الفترة المقبلة، وهي الحد من الأشياء الأقل ربحًا، والاستثمار في الأكثر ربحًا، ثم ضع خطة لتبني تلك الفكرة وتنفيذها.
- اطلب اقتراحات الموظفين لتفادي الأزمة
يمكنك طلب اقتراحات العاملين فيما يخص الأزمة المالية التي تمر بها الشركة، وكيف يمكن تحسين الوضع المالي للشركة دون تسريح العمالة، فقرار تقليل التكلفة في الشركات لا يؤثر على المدير وحده، وإنما يؤثر بقوة على كل العاملين في الشركة ولهم الحق بالإدلاء بمقترحاتهم في هذا الشأن.
- خفّض من أجور الموظفين
أعلم أن هذا المبدئ يضر بأغلب العمال ولكن عند طرحه فكرةً بديلة لتسريح العمالة، سيلقى ترحابًا من بعضهم وخاصة إن كانت الشركة قد بنت جسورًا من الثقة بينها وبين موظفيها. مما يضعهم أمام الموافقة على التضحية بجزء من راتبهم على أمل العودة للرواتب الأصلية بعد اجتياز المرحلة الصعبة التي تمر بها الشركة. ويمكن وضع حلًا بديلًا مثل العمل بدوام جزئي مما يمنح بعض الموظفين الفرصة للبحث عن عمل آخر والحفاظ على دخل مادي مقبول.
أخيرًا، تبدو أن الأزمة المالية ستؤثر بقوة على العديد من الشركات، وفي ظل السعي المستمر إلى تقليل التكلفة في الشركات، علينا أن نتحلى ببعض الحكمة ومحاولة حل المشكلات المادية والخروج من تلك الأزمة بأفضل نهج ممكن دون اللجوء للحلول السريعة مثل تسريح العمالة ويمكن للشركات الاعتماد على مستقل للمؤسسات لتوظيف مجموعة مختارة من المستقلين للعمل لصالح الشركة والمساعدة على خفض بعض تكاليف التوظيف المعتادة.
اترك تعليقاً