من يتحكم في الغذاء يتحكم في العالم

هنري كسينجر
ببذور عقيمة : مافيا البذور تسيطر على الغذاء

منذ قديم الأزل كان المزارع يبقى على جزء من محصوله حتى يستخدم انتاجه من البذور ليعيد زراعتها في الموسم التالي أو يستعير بعض البذور من جيرانه أو حتى يشتري البذور ثم يستغني عن الشراء مع أول محصول ينتجه .

لكن خلال القرن الماضي تطورت أساليب الزراعة و صار يتم الاعتماد على بذور محسنة تنتجها بعض الشركات المتخصصة سواء بالتهجين أو بالهندسة الوراثية (GMO) أمراً تجارياً تتسابق الشركات للقيام به.

براءات اختراع غير مستحقة

بدأت المشكلة حين شرعت شركات البذور والمنتجات المعدلة وراثياً GMO في تسجيل البذور باعتبارها “براءات اختراع” بحيث يمكنها احتكار تلك البذور في السوق. تمنح براءات الاختراع الحق الحصري في حفظ البذور وتداولها للشركات وتنزع هذا الحق من المزارعين وغيرهم من الناس.

البذور ليست اختراعاً لا يمكن تطبيق هذا الوصف على البذور بأي حال من الأحوال وإن تم تهجينها أو تعديلها فالبذرة مصدرها الأول هو المزارعين وبالتالي يعد القرصنة على تلك البذور نوعاً من القرصنة البيولوجية!

شيئاً فشيئاً لم يعد الفلاح هو من يتحكم في الزراعة، فالبذور لم تعد مملوكة للمزارعين الذين تناوبوا لآلاف السنين على زراعتها، لقد تم نزع ملكيتها منهم وتحولت إلى ملكية خاصة للشركات مثل مونسانتو ، دو بونت ، سينجينتا و باير.

البراءات على البذور التي تسمح للشركات بامتلاك البذور غير قانونية على العديد من المستويات.

  1. أولاً، البذور ليست اختراعًا. تعمل البذور باستمرار على إنشاء نفسها وإعادة إنشائها. التعامل مع البذور على أنها اختراع مؤسسي ومنح براءات الاختراع للشركات على البذور ينتهك الأخلاق أو قانون براءات الاختراع نفسه.
  2. ثانيًا، تم تطوير جميع البذور بواسطة الطبيعة والمزارعين عبر آلاف السنين. تأخذ الشركة أصناف المزارعين، وتستخدم السمة التي وجدوها مفيدة تجاريًا، وتأخذ براءة اختراع أو حق الملكية الفكرية. تستند براءات الاختراع على البذور دائمًا إلى القرصنة البيولوجية.
  3. ثالثا، براءات الاختراع على البذور تسمح للشركات بمنع المزارعين من حفظ البذور وتبادلها. وبالتالي تنتهك براءات الاختراع حق المزارعين في حفظ البذور واستخدامها وإعادة تولدها وتبادلها .

الأخطر من ذلك أن الشركات شرعت في انتاج بذور يكون انتاجها عقيماً أي أنها تنتج محصولاً لا ينتج بذور أو ينتج بذوراً عقيمة أو ذات انتاج ضعيف بحيث لا يمكن اعادة زراعة انتاجها من البذور مرة أخرى حتى تسيطر على السوق تماماً وتجبر المزارعين على إعادة الشراء منها كل عام.

يُظهر الرسم البياني التالي اللاعبين الرئيسيين في صناعة البذور الذين يحاولون الاستحواذ على السوق من خلال براءات اختراع البذور الخاصة بهم.

ببذور عقيمة : 6 شركات تمتلك غذاء العالم ؟ كيف ننتج بذورنا بأنفسنا ؟

انتبه الكثيرون في الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى هذه المعضلة وثارت حملات شعبية ودعاية ضد تلك الشركات وأبرزها مونسانتو حتى أن البعض نجح في استصدار أحكام قضائية ضد الشركات التي تنتج بذور مهجنة وراثياً.

وبالطبع فإن الشركات في هذه الحالة ستلجأ للأسواق ذات الرقابة الهشة أو المعدومة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وأجزاء من آسيا فتبني المصانع والمختبرات وتبيع ما منعت من بيعه في دولة المنشأ فالإنسان رخيص والرقابة معدومة أو منزوعة.

كيف نواجه مافيا شركات البذور

لمجابهة أو على الأقل إبطاء هذه الخطط التي تقضي على التنوع الغذائي وقد تتسبب مجاعات وكوارث غذائية وترهن مصير العالم الغذائي في أيدي بضع شركات احتكارية، تسعى بعض الحملات الشعبية والمدنية الأوروبية كـ”جمعية مساندة الشرق الألمانية” لنشر الوعي حول كيفية انتاج البذور من السلالات المحلية التي لم تختفي ولم يتم القضاء عليها بعد من خلال مجموعة من المنشورات والفيديوهات والأفلام الوثائقية والتعليمية الشيقة.

دليل مبسط عن البذور و إنتاجها باللغة العربية (pdf)

موقع “من البذرة الى البذرة” موقع مميز و شامل باللغة العربية عن الزراعة والبذور و إنتاجها، يحتوي الموقع على 40 فيلم تعليمي عن إنتاج بذور الخضروات خطوة بخطوة و يضم الموقع كيفية انتاج بذور 32 نوع من الخضر.

الموقع رائع جداً ويقدم مادة علمية وتعليمية مميزة لمن يرغب في إنتاج البذور وكل هواة الزراعة بصفة عامة.

مصادر اخرى

https://seedfreedom.info/who-owns-the-seed/


اكتشاف المزيد من مجلة رؤى

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 − 3 =

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

اكتشاف المزيد من مجلة رؤى

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading