عادة لا أهتم كثيراً بالتغطيات الإخبارية لكن لفت نظري مقال نشرته بيزنس إنسايدر بتاريخ 9 فبراير 2017 على موقعها الإلكتروني عن نسب التلوث في دول الخليج العربي لاسيما الكويت و السعودية بإعتبارها الأعلى عالمياً !
الخبر ملفت و غريب فأي شخص طبيعي كان ليتوقع أن يرى دولة مثل الصين التي تئن تحت وطأة التلوث لدرجة هددتها بتقليص الأنشطة الصناعية أو الهند أو الولايات المتحدة الأمريكية أو بعض الدول الأوروبية الصناعية مثل بريطانيا و فرنسا . لكن التقرير كان يقدم معلومات مختلفة عما نعرفه و عما يعرفه معظم البشر بالحس المشترك فالتلوث أمر محسوس يمكن لمسه بسهولة سواء بالنسبة للمواطنين أو المسافرين الذين يمكنهم تبين مستوى تلوث الهواء من شباك الطائرة و قبل حتى أن تحط الأقدام في المطار.
البلاد الأكثر تلويثاً للبيئة وفقاً لصحيفة بيزنس إنسايدر |
ما زاد دهشتي أيضاً أن صحيفة اندبندنيت أعادت نشر نسخة حرفية من ذات التقرير منذ ثلاثة أيام فقط و حينما أقول نسخة حرفية فأنا أعني ما أقول , نسخة بذات الأحرف و الكلمات بل و الروابط !
في عالم الويب و الصحافة الإلكترونية يعتبر نسخ المحتوى أو القص و اللصق من النقائص التي لا يمارسها الكبار في المعتاد كحال الصحفيين و المدونين الصغار و لا يسمح بالمحتوى المكرر سوى من خلال الإعلانات المدفوعة و في بعض الأحيان قد لا يسمح بالنسخ حتى في الإعلانات المدفوعة
إعادة نشر المقالة على الإندبندنت |
ما أن شرعت في قراءة التقرير حتى توالت المفآجآت و التي سأذكرها لاحقاً في التعليق على التقرير بعد عرض ملخص لما ورد به أولاً.
التقرير : السعودية و الكويت و دول الخليج الأكثر ‘سمية’ على وجه الأرض !
السعودية و الكويت هي الدول الأكثر سمية في العالم وذلك وفقاً لتقرير جديد أعده (خبراء إيكو) و الذين جمعوا معلومات من أكثر من 135 دولة بناءاً على خمس معايير
- معدلات استهلاك الطاقة بالنسبة للفرد
- معدلات انبعاث ثاني أكسيد الكربون
- مستويات تلوث الهواء
- معدل الوفيات المترتبة على التلوث
- معدلات إنتاج الطاقة المتجددة
هذا التقرير يمكن أن يستخدم لتحديد الدول المسئولة عن انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون و كمقياس حقيقي للدول التي لا تبذل الجهد لمحاربة تأثير الإنبعاثات على التغيرات المناخية !
ووفقا للبيانات، فإن المملكة العربية السعودية و هي واحدة من أكبر المنتجين للنفط في العالم ولكن لديها أيضا بعض من أقل المساهمات في العالم للطاقة المتجددة، على الرغم من وجود ظروف مناخية مثالية للطاقة الشمسية. يقول خبراء المناخ هذا يشير إلى وجود إهمال البيئة وصحة السكان.
وفي الوقت نفسه، الصين تهدف إلى استثمار 292 بليون جنيه استرليني في مجال الطاقة المتجددة بحلول عام 2020، وفقا لصحيفة الغارديان. وهذا يعني أنه في حين تبقى مستويات التلوث في البلاد عالية كما هو معروف، إلا انها تبحث بنشاط عن الطريق إلى مستقبل أكثر اخضرارا، وبالتالي تقع في مستوى أقل أسفل ترتيب الدول الأكثر سمية.
كان البلد الأوروبي الأكثر سمية هو لوكسمبورغ التي تعاني من تلوث شديد من الدول المجاورة بما في ذلك ألمانيا وبلجيكا. المملكة المتحدة في المرتبة 81 بالنسبة للسمية، في حين كان أداء الولايات المتحدة أسوأ قليلا في المركز 66.
وكانت البلدان الأكثر سمية 10:
- المملكة العربية السعودية
- الكويت
- دولة قطر
- البحرين
- الإمارات العربية المتحدة
- سلطنة عمان
- تركمانستان
- ليبيا
- كازاخستان
- ترينداد وتوباغو
الدول الأقل سمية وفقا للتقرير هي دولة غالبيتها أفريقية مثل كينيا وموزامبيق، وإثيوبيا، حيث أدى عدم وجود التصنيع إلى هواء أقل تلوثا – على الرغم من أن الدراسة لم تأخذ تلوث المياه بعين الاعتبار، وهي مشكلة حقيقية في أفريقيا .
انتهى التقرير
التعليق على التقرير
- استخدم التقرير معايير كاذبة لقياس التلوث لا يمكن استخدامها في تقرير علمي أبداً , فكرة توزيع نسبة التلوث على السكان فكرة غير منطقية
- معدلات استهلاك الطاقة بالنسبة للفرد مقياس مطاط , من الطبيعي أن يكون أكبر في الدول المنتجة للنفط لأن الدول الأكثر إنتاجاً للنفط ستكون أكثر استهلاكاً لمنتجها بطبيعة الحال !
- عدد السكان القليل سيؤدي بالضرورة لزيادة نسب الإستهلاك للفرد الواحد خصوصاً مع وجود مساحات شاسعة كما في حالة المملكة العربية السعودية بعكس المناطق المكتظة بالسكان و التي يمكن للفرد فيها أن يستخدم كميات أقل من الطاقة بسبب تشارك شريحة أكبر من البشر في منتجات الطاقة المختلفة .
- الدول الغنية بالتأكيد يستهلك فيها الفرد الوقود أكثر من الدول الفقيرة أو متوسطة الدخل و لو لاحظت فستجد الخريطة تعبر عن المستويات الإقتصادية لدول الخليج أكثر من تعبيرها عن مستويات التلوث !.
- أما الحديث عن التلوث في لوكسمبورغ وربطة بتلوث الدول الصناعية المجاورة فهو في حد ذاته سقطة مهنية من كاتب المقال فالمعايير المذكورة تقيس مدى مسئولية الأفراد عن التلوث لا مستوياته و أسبابه .
إندبندنت و بيزنس إنسايدر و الإبتزاز بدراسات مزيفة
الأهم من كل ما سبق هو السقطة المهنية في تغطية دراسة مجهولة لا يعرف مصدرها و بالتحري عن مصدر الدراسة كانت المفاجأة أن الرابط لكلمة خبراء إيكو Eco Experts الوارد بالمقال و الذي يفترض أن يقود لمن قاموا بإعداد الدراسة لا يذهب بك إلى موقع أحد المراكز العلمية أو المجلات المرموقة أو الجامعات بل يقودك مباشرة إلى شركة تجارية لإنتاج الألواح الشمسية !
رابط الشركة
كتبه : محمد علي ماهر
اترك تعليقاً