يتجاوز تأثير التغير المناخي ارتفاع درجات الحرارة فقط، حيث يؤثر تغير المناخ على جميع نواحي الحياة بما في ذلك الزراعة والغذاء والموارد المائية والحياة البرية وبصفة خاصة في المناطق الصحراوية القاحلة، تلك الأراضي الجرداء التي بلا زرع أو ماء، ليكون الخيار الوحيد أمامنا هو انتاج الماء من الهواء وهو حرفياً ما يقدمه هذا المشروع الواعد المقدم من جامعة الملك عبد العزيز بالمملكة العربية السعودية.
اقرأ أيضاً :
تربة يمكنها سحب الماء من الهواء وتوزيعه على النباتات
تقنية استقطار الماء من الهواء
بدون كهرباء: أبراج خيزران وشباك لاستخلاص الماء من الهواء!
مناطق معزولة
في المناطق المعزولة أو القاحلة وشبه القاحلة يعتبر المد المركزي لكل من الكهرباء ومياه الشرب والنقل لمسافات طويلة في هذه المناطق غير عملي ولا فعال من ناحية التكلفة بسبب نقص الموارد المالية وكذلك بسبب انخفاض الكثافة السكانية. وفي الوقت نفسه، يعتقد في الوقت الحاضر أن النهج اللامركزي هو الأكثر ملاءمة لتوفير الكهرباء والمياه اقتصاديا لتلك المناطق البعيدة.
لعلاج المشكلة قدم العلماء في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية نظام متكامل قائم على الطاقة الشمسية يوفر مصدرا منخفض التكلفة للطاقة المتجددة والمياه والغذاء ومن ثم يوفر فوائد منقذة للحياة لأولئك الأشخاص الذين يعيشون في المناطق النائية والقاحلة من العالم. إنه نظام رائع متعدد الإمكانات يمكنه أن يحل مشاكل متعددة.
نظام مركب
يسمى النظام المبتكر الجديد “نظام الإنتاج المشترك للمحاصيل المائية والكهربائية” أو “WEC2P”.
يعتمد النظام الجديد على خلايا شمسية مزودة بنظام تبريد يستخدم الهيدروجيل لالتقاط الحرارة بغرض تبريد الخلايا الشمسية وتكثيف بخار الماء ثم استخدامه لأغراض الشرب وري المحاصيل الزراعية.
الهيدروجيل هو بوليمر محب للماء، يتم تركيب الألواح الشمسية المبطنة بالهيدروجيل أعلى صندوق معدني كبير، يقوم بتحويل بخار الماء من الهواء إلى ماء للري والشرب يستخدم لزراعة المحاصيل.
تم تصميم النظام ليكون له وضعان للتشغيل:
- وضع التبريد AWH-PV حيث يستخدم الماء لتبريد الخلايا (الشكل B)
- وضع انتاج الماء والمحاصيل AWH-Water (الشكلان A وC).
يتم امتصاص أشعة الشمس الحادثة وتحويلها جزئيا إلى كهرباء بواسطة الخلايا الكهروضوئية، مع تحويل الباقي، عادة أكثر من 80٪ من ضوء الشمس الممتص إلى حرارة، مما يؤدي إلى تحسين درجة حرارة الألواح الكهروضوئية.
تتكون طبقة التبريد AWH من:-
- فيلم مضاد للتآكل من البولي إيثيلين (PE) (∼0.04 مم في السمك)
- مواد الماصة لبخار الماء في الغلاف الجوي، أي كلوريد الكالسيوم والبولي أكريلاميد (PAM-CaCl2) هيدروجيل .
تدفع حرارة الخلية الكهروضوئية الماء إلى التبخر من المادة الماصة خلال النهار، مما يقلل بشكل فعال من درجة الحرارة الكهروضوئية.
خفض درجة حرارة الخلايا الشمسية
باستخدام هذا النظام تمكن الباحثون من خفض درجة حرارة الألواح الكهروضوئية بما يصل إلى 17 درجة مئوية وزيادة نسبة توليد الكهرباء بنسبة تصل إلى 10% وهي قفزة هائلة بالنظر إلى أن معظم الألواح الشمسية قادرة فقط على تحويل حوالي 20٪ من الطاقة الشمسية التي تتعرض لها إلى كهرباء. من خلال الجمع بين الري والزراعة والخلايا الكهروضوئية، يحقق هذا التصميم تقدما واعدا لنوع من الطاقة الشمسية التكاملية المعروفة باسم الخلايا الكهروضوئية الزراعية.
انتاج الماء من الهواء
يحافظ الغلاف الجوي باستمرار على ما يقرب من 13000 مليار طن من المياه العذبة المقطرة مسبقاً أو يزيد، ويتم تجديد مياه الغلاف الجوي باستمرار من خلال دوران المياه العالمي. أشارت دراسة حديثة إلى أن عملية حصاد المياه في الغلاف الجوي التي تعتمد على الطاقة الشمسية يمكن أن تلبي متطلبات مياه الشرب البالغة 5 لتر يوميا للفرد الواحد لأكثر من ملياري شخص حول العالم. وبالتالي، فإن استخدام المياه في الغلاف الجوي كمورد بديل للمياه يمكن أن يكون نهجا واعدا لمعالجة نقص المياه والطاقة في المجتمعات المحلية خارج الشبكة والمناطق القاحلة أو شبه القاحلة.
استطاع النظام WEC2P انتاج ما يقرب من 3.4 لتر من الماء خلال مدة شهر عبر استخدام لوحة شمسية كهروضوئية 30*60 ويهدف الباحثون بعد إثبات المفهوم إلى تطوير النظام لانتاج كميات أكبر من الماء بما يلازم احتياجات الفرد اليومية.
الزراعة في المناطق المعزولة
في المناخ الجاف في المملكة العربية السعودية، اختبر فريق البحث نموذجا لإثبات المفهوم مستخدمين بذور نبات السبانخ لمدة أسبوعين في الصيف الماضي. حتى مع الطقس الحار بشكل استثنائي، أسفرت التجربة عن معدل نجاح 95٪ مع 57 من أصل 60 بذرة أنبتت نمت إلى ارتفاع طبيعي باستخدام 2 لتر فقط من الماء الذي كثفه النظام نفسه. بالإضافة إلى ما مجموعه 1500 واط / ساعة من الكهرباء.
نظام منخفض التكلفة
تتبع هذه التقنية استراتيجية مستدامة منخفضة التكلفة بغرض توفير الغذاء والماء والطاقة ضمن ظروف قاحلة، حيث تصل تكلفة الكيلوجرام من الهيدروجيل (PAM-CaCl 2) إلى أقل من دولار واحد على الرغم من أن التكلفة المجمعة لبناء ونشر مثل هذا النظام ستكون أكثر من ذلك بكثير، وبالإضافة إلى تنمية المحاصيل، فإن حصاد بخار الماء من الهواء أن يوفر مياه شرب نظيفة.
مع إثبات المفهوم الذي يظهر نتائج واعدة للغاية، قبل تحويل النموذج إلى منتج، سيعمل الفريق على تطوير هيدروجيل أكثر امتصاصا يمكنه توليد كميات أكبر من الماء.
“لا يزال جزء صغير من سكان العالم لا يستطيعون الوصول إلى المياه النظيفة أو الطاقة الخضراء، ويعيش الكثير منهم في المناطق الريفية ذات المناخ الجاف أو شبه الجاف”. “إن تصميمنا يصنع المياه من الهواء باستخدام الطاقة النظيفة التي كان من الممكن أن تهدر وهي مناسبة للمزارع الصغيرة اللامركزية في الأماكن النائية مثل الصحاري والجزر المحيطية.”
د. وانغ المؤلف الرئيسي للدراسة
تعد الخلايا الكهروضوئية على نطاق واسع أداة رئيسية في أي استراتيجية لتجنب أزمة مناخية شاملة. ومع ذلك، مثل أي تقنية متطورة، تأتي الخلايا الكهروضوئية مع مجموعة من المشاكل الخاصة بها. تشتهر الخلايا الكهروضوئية بعدم كفاءتها في المناخات الحارة، وهي محدودة للغاية في الصحراء، وهي واحدة من البيئات القليلة التي تتعرض للطاقة الشمسية بشكل مستمر تقريبا خلال النهار وإمكانات غير محدودة للطاقة النظيفة.
وفي الوقت نفسه، يؤدي تغير المناخ إلى نقص المياه والتصحر، وهي عملية تصبح فيها البيئات المضيافة في السابق أراضي قاحلة حقيقية للنظم الإيكولوجية الصحراوية. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يعيش أكثر من 2 مليون شخص بدون مياه شرب آمنة، ويفتقر 800 مليون شخص إلى أي كهرباء، ويعاني 700 مليون شخص من المجاعة.
خلاصة
النظام الجديد له عدة مزايا منها:-
- تبريد الألواح الكهروضوئية مما يساهم في زيادة أداء توليد الكهرباء بنسبة 10%
- إعادة تدوير الحرارة المهدرة من الألواح الكهروضوئية لإنتاج المياه العذبة من الغلاف الجوي بما يعادل لترين من الماء خلال مدة اسبوعين ويسعى الباحثون لزيادة هذا المعدل
- نظام متكامل ينتج الكهرباء بالمياه العذبة والمحاصيل
- التطبيق مع الحد الأدنى من القيود الجيولوجية والجغرافية
مصدر الدراسة