إذا كنت قريباً من أوساط المراهقين فلا ريب أنك قد لاحظت التعلق الشديد لدى بعضهم بفرق الكيبوب K-POP وممثلي الدراما الكورية K-Drama ربما بشكل يفوق أي مشاهير آخرين رأيتهم أو عرفتهم في حياتك لدرجة أن بعضهم صار يعتبرهم آلهة تمشي على الأرض ! وانبرى بعضهم في تنصيب أنفسهم جيوشاً إلكترونية لمجابهة كل من ينتقد هؤلاء المشاهير وما يقومون به من أقوال وأفعال!
منذ زمن انتشرت في الثقافة الشعبية الكورية الجنوبية ظاهرة تعرف باسم آيغيو “Aegyo” ، وجد الكثيرون أنه يمكن استخدام هذه الأداة لجذب المشاهدين والمعجبين .
يستكشف هذا المقال الاستخدام الواسع النطاق للآيغيو Aegyo في أداء الكيبوب K-POP والدراما الكورية K-Drama، ويدرس كيف أصبح وسيلة للسيطرة والتأثير على الجماهير والمعجبين إلى حد العبادة والجنون.
الآيغيو فن أم إغواء:
الآيغيو هو مجموعة محددة من السلوكيات والتعبيرات المستخدمة لإظهار الجاذبية والسحر . وآيغيو هي عبارة كورية تعني التصرف بلطف أو بمعنى أصح “التظاهر باللطف كالأطفال”.
يشمل الآيغيو مجموعة من الإيماءات وتعبيرات الوجه ونغمات الصوت والملابس والسلوكيات لاصطناع براءة مزيفة ومرح وسحر طفولي .حيث يستخدم البالغون مجموعة من السلوكيات مثل استخدام صوت عالي النبرة، وتعبيرات وجه مبالغ فيها، وأفعال محببة مثل عمل قلوب بالأصابع، ونفخ الخد وإبراز الشفاه السفلية و القيام بأفعال خرقاء المتعمدة كالأطفال.
هذه الأشياء ليست عفوية بل يتم تصميمها بعناية من قبل وكالات البوب وشركات الإنتاج الكورية والتدرب عليها وأداءها بدقة من قبل فناني البوب الكوري وممثلي الدراما الكورية لإنشاء اتصال عاطفي غير عادي مع جمهورهم، بطبيعة الحال الجميع يحب الأطفال وحركاتهم ومرحهم ويتعلق بها .
تكمن قوة استخدام تقنية الآيغيو في قدرتها على إثارة شعور قوي بالحميمية بين فنان البوب أو الممثل ومعجبيه، وتهدف وكالات البوب الكورية وشركات الإنتاج من وراء ذلك التحكم في مشاعر المشاهدين والتلاعب بها، وتعزيز الشعور بالولاء والتفاني لدى المتابعين.في الحقيقة الجاذبية والسحر المتعمدان يمكن أن يخلقا علاقة غير اجتماعية، مما يطمس الخط الفاصل بين الخيال والواقع، ويعزز الشعور بالملكية والحماية على المطربين أو الممثلين.
براءة مزيفة:
يتم التلاعب بعقول ومشاعر المتابعين من خلال إظهار البراءة والضعف الطفوليين عبر استخدام هذه التقنية، يحفز هذا مباشرة الغرائز الأبوية مثل مشاعر المودة والرغبة في الحماية لدى المعجبين. يعمل هذا الارتباط العاطفي على تقوية الرابطة بين الفنان وجمهوره، مما يؤدي إلى زيادة دعم وولاء المعجب وبالتالي يعزز إنفاقه المزيد من المال على الألبومات والسلع التذكارية وتذاكر الحفلات الموسيقية بل وقد يعمل على نشر المقاطع ومشاركتها بكل ما أوتي من قوة.
تعزى شعبية وانتشار الأيغيو إلى عوامل ثقافية متأصلة بعمق في المجتمع الكوري. في الثقافة الكورية، تحظى الصفات اللطيفة والطفولية بتقدير كبير وترتبط بالنقاء والسحر وسهولة التواصل. يعتمد استخدام الآيغيو على هذه المُثُل الثقافية، ويتردد صداها لدى الجماهير الكورية ويمتد تأثيرها إلى المعجبين الدوليين الذين اعتنقوا الثقافة الشعبية الكورية.
النقد والجدل:
انتقادات غربية : على الرغم من جاذبيتها واسعة النطاق، واجهت ظاهرة الآيغيو انتقادات غربية لتعزيزها الصور النمطية بين الجنسين وتعزيز التوقعات المجتمعية للمرأة باعتبارها خاضعة وطفولية وهو ما لاقى انتقادات لدى مجتمع النسويات تحديداً. يجادل النقاد أيضاً بأن الاستخدام المفرط للآيغيو يمكن أن يحد من التعبير الفني وقوة فناني الأداء، مما يقللهم إلى مجرد “أشياء للعبادة” بدلاً من التركيز على المواهب.
أما في بلادنا العربية والإسلامية و التي تنتشر فيها ظاهرة الكيبوب انتشار النار في الهشيم فلو اضفنا عدم توافق ما تقدمه هذه الفرق مع ديننا وثقافتنا وعاداتنا وعبثهم بعقول المراهقين، فإننا نصبح أمام مشكلة حقيقية تمثل خطراً محدقاً بأبنائنا الذين صاروا يتعلقون بهذه الفرق ويقلدونهم تقليداً أعمى دون أن يعرفوا بأنهم جزء من صناعة ضخمة تتلاعب بعقولهم لتدر المليارات على وكالات البوب وشركات الإنتاج الكورية.
خلاصة: الآيغيو هو أسلوب مدروس يستخدم فيه سلوكيات ومظاهر وأفعال الغرض منها إظهار البراءة والضعف الطفولي للسيطرة على عقول المشاهدين وتحفيز الغرائز الأبوية للمتابعين والتي بدورها تمنح شعوراً بالمسئولية والرغبة في الحماية، يساهم هذا في زيادة الدعم وولاء المعجبين والأرباح المادية لوكالات الكيبوب والمنتجين.
مصادر
How cute do I sound to you?: gender and age effects in the use and evaluation of Korean baby-talk register, Aegyo – ScienceDirect