بالرغم من الفوائد الرائعة التي تقدمها التقنيات الحديثة والتي ساهمت – وما زالت – في تقدم ورقي البشرية، إلا أن هذا لا يمنع من وجود وجه آخر قبيح للتكنولوجيا.
يمكن للتقنيات الحديثة أن تتسبب في أضرار جسيمة عندما يُساء استخدامها. إذا كان إطلاق الوحش النووي من المادة قد استخدم لإنتاج الطاقة، فإنه الوحش ذاته أيضًا استُخدم لقتل ملايين البشر. هذا الجانب المظلم والمخيف يبرز أهمية التعامل بحذر مع التكنولوجيا والتفكير بشكل مستقبلي في آثار استخدامها على المجتمع والبيئة.
تعالوا نتعرف على بعضاً من التقنيات التي يمكنها وضع أغلب سكان العالم تحت رحمة رعب البقاء والتي يمكنها استعباد العالم والبشر لمصلحة من يملكون القوة و السطوة :-
1. تقنيات المراقبة باستخدام الذكاء الاصطناعي
دمج الذكاء الاصطناعي في تقنيات المراقبة بلا شك هو أحد أبرز التحديات التي تواجه البشرية إذا استخدمت هذه التقنية على نحو خاطئ.
دمج الذكاء الاصطناعي في تقنيات المراقبة يشكل تحديًا كبيرًا يواجه البشرية في العصر الحالي. يتيح هذا الدمج إمكانية جمع كميات هائلة من البيانات ومراقبة حركة الأفراد بطرق تفوق الإمكانيات البشرية التقليدية، مما يثير مخاوف كبيرة بشأن الخصوصية والحريات الفردية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي استخدام التقنيات المراقبة بالذكاء الاصطناعي إلى زيادة التمييز والتحيز، حيث يتم تحليل البيانات بناءً على عوامل مثل العرق والدين والجنس.
علاوة على ذلك، يزيد دمج الذكاء الاصطناعي في التقنيات المراقبة من سلطة الحكومات والشركات، مما يعزز التحكم والقمع على نطاق واسع. يمكن لهذا التحكم أن يحد من الحريات الشخصية ويزيد من التوترات الاجتماعية، مما يؤثر سلبًا على الثقة بين الأفراد والسلطات. وتزداد المخاوف أيضًا بشأن الضرر النفسي والاجتماعي الذي قد يسببه القلق الدائم والاكتئاب الناجم عن المراقبة الشديدة.
2. بذور عقيمة مهجنة وراثياً
البذور العقيمة المهجنة وراثياً هي نوعية من البذور المعدلة وراثياً ( التقاوي ) والتي تم التلاعب بها جينياً لجعل النبات غير قادر على إنتاج البذور و التكاثر ذاتياً أو ينتج بذور شديدة الضعف وغير ملائمة للزراعة بهدف زيادة السيطرة على سوق البذور وضمان استمرارية الاعتماد على الشركات الزراعية الكبرى.
يثير استخدام هذه البذور العقيمة الكثير من القلق لأنها قد تؤدي إلى فقدان التنوع الوراثي عند الاعتماد الواسع عليها حيث ستندثر البذور الطبيعية و يصبح الاعتماد مطلقاً على الشركات الكبيرة مما يهدد السيادة الغذائية للدول والمزارعين الصغار.
فضلاً عن المخاوف بشأن السلامة البيئية والصحية، نتيجة حدوث تأثيرات غير متوقعة على النظم البيئية وصحة الإنسان بسبب استخدام نباتات معدلة وراثيًا.
3. تقنيات السيطرة على العقول
هناك العديد من التقنيات التي تم اختبارها ونجحت بالفعل في التأثير على العقول
تقنية قراءة الأفكار
يعمل العلماء على تطوير واجهات العقل الحاسوبية التي يمكنها تحويل موجات الدماغ إلى نص، مما يعني قراءة الأفكار بشكل فعّال. هناك قلق متزايد بشأن المراقبة العقلية وضرورة حماية الخصوصية العقلية. نتيجة لذلك يدعو الخبراء إلى “حقوق العقل”، بما في ذلك الحق في الخصوصية العقلية، من خلال مبادرات مثل مؤسسة حقوق العقل. يثير تقدم واجهات العقل الحاسوبية أسئلة مهمة حول مستقبل الهوية البشرية والإمكانيات المحتملة للنتائج المظلمة.
إثارة العدوانية
وجدت إحدى الدراسات أنه يمكن تحفيز مناطق معينة في الدماغ بشحنة كهربائية لإثارة العدوانية لدى الفئران يمكن استغلال هذه التكنولوجيا على البشر لجعل الشخص يؤذي نفسه أو يؤذي الآخرين.
4. الروبوتات العسكرية ذاتية التشغيل
الروبوتات العسكرية ذاتية التشغيل هي روبوتات قادرة على اتخاذ القرار ذاتياً بناءاً على برمجة المشغل وما يميزها أنها بلا مشاعر ولا تتأثر بما يتأثر به البشر كما أن الأخطاء الفنية والبرمجية ربما تقود إلى كوارث .
تقنية الروبوتات ذاتية التشغيل قد أصبحت مستخدمة بشكل واسع في القطاع العسكري، وهنا بعض الأمثلة على الاستخدامات العسكرية الحالية لهذه التقنية:
- طائرات الاستطلاع الذاتية التحكم: تستخدم الدول العديد من الطائرات بدون طيار المجهزة بتقنيات الذكاء الاصطناعي للقيام بمهام الاستطلاع والمراقبة في المناطق العسكرية. مثل طائرات الـ “Reaper” التي تستخدمها القوات الأمريكية وطائرات “Predator” المستخدمة أيضًا في العديد من البلدان.
- الروبوتات العسكرية على الأرض: هناك العديد من الروبوتات الذاتية التحكم التي تستخدم في القطاع العسكري، مثل الروبوتات المستخدمة لتطهير الطرق من الألغام أو الروبوتات القتالية الصغيرة التي يمكن استخدامها للتسلل والتجسس.
- الغواصات الذكية: تستخدم الغواصات ذاتية التحكم التقنيات الذكاء الاصطناعي للقيام بالمهام الاستطلاعية والهجومية تحت الماء بطريقة فعالة ودقيقة.
- الأسلحة المتحكمة ذاتياً: تستخدم العديد من الدول أسلحة متحكمة ذاتياً تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل الصواريخ القادرة على تحديد أهدافها بشكل مستقل وضربها دون تدخل بشري مباشر.
الفجوة التكنولوجية التي ستحدثها هذه الأسلحة قادرة على استعباد الشعوب الضعيفة تكنولوجياً من قبل الشعوب الأكثر تقدماً وهو ما يفتح الباب في المستقبل لاستعمار من نوع جديد تقوده الآلات .
5. الشمول المالي
باستخدام التكنولوجيا الحديثة، أصبح الشمول المالي أكثر من مجرد خدمات بنكية ومالية، بل أصبحت أداة للسيطرة والتحكم في حياة الأفراد وتوجهاتهم. يتيح الشمول المالي للأفراد سهولة كبيرة في الوصول إلى الخدمات المالية وإدارة أموالهم عبر الإنترنت، ولكن في نفس الوقت يمكن استخدامه كوسيلة للتحكم في حياتهم المالية والشخصية.
من خلال جمع البيانات المالية والمعاملات المالية الشخصية، يمكن للجهات ذات السلطة استخدام الشمول المالي لمراقبة أنشطة الأفراد وتحليل سلوكياتهم المالية. وباستخدام تقنيات التحليل الضخم للبيانات، يمكن تحديد الأنماط والاتجاهات والتنبؤ بسلوك الأفراد، مما يمنح الجهات ذات السلطة سلطة مطلقة في التحكم في دخل الأفراد واتجاهاتهم المالية.
هذا النوع من السيطرة يمكن أن يستخدم لأغراض سلبية، مثل فرض الرقابة أو التلاعب في القرارات المالية للأفراد. وفي قدرتهم على التحكم بمواردهم المالية على سبيل المثال، يمكن استخدام الشمول المالي لفرض رسوم وضرائب على الأفراد بناءً على معطيات سياسية أو اجتماعية أو شخصية.
خلاصة: يمكن تجاوز هذه التحديات عبر تطوير سياسات وقوانين منظمة لاستخدام التقنيات الحديثة بشكل مسؤول، وضمان حماية الخصوصية والحقوق الفردية والمجتمعية. ويتطلب الأمر أيضًا تعزيز الوعي العام بالتأثيرات السلبية المحتملة لهذه التقنيات وتشجيع النقاش العام حول كيفية استخدامها بشكل أخلاقي ومتوازن. لكن في عالم مجنون يفتقر للبوصلة الأخلاقية كعالم اليوم يبدو الأمر صعباً حقاً .
اترك تعليقاً