تقوية المناعة لمرضى السكري

عادة ما يصاحب مرض السكري ضعف الاستجابة المناعية ويكون المريض معرض للإصابة بالعدوى والالتهابات بكافة أنواعها بشكل دائم لذا فهو أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا والالتهابات، خاصة مع تغيير الفصول ومع اضطراب مستوى السكر في الدم وإهمال علاجه. فلماذا تضعف الاستجابة المناعية لدى مرضى السكري.. وكيف يمكننا تقويتها؟.. هذا ما سنتناوله في السطور التالية.

إن الاضطراب في عملية التمثيل الغذائي من سمنة وارتفاع نسبة الدهون الضارة بالدم مسبب رئيسي لمرض السكري من النوع الثاني وما يتبعه من مضاعفات. كما أثبتت الدراسات وجود علاقة وثيقة بين مرض السكري والإصابة بالسرطان، وتزداد نسبة الخطورة بزيادة مستوى السكر في الدم.

علاقة التمثيل الغذائي بالاستجابة المناعية:

حديثاً.. أثبتت الأبحاث وجود رابطة ثنائية الاتجاه بين التمثيل الغذائي والاستجابة المناعية، فكلاهما يؤثر ويتأثر بالآخر. ثمة توازن دقيق بين التمثيل الغذائي والاستجابة المناعية للجسم نحتاج أن يتحقق لما له من آثار إيجابية على مجموعة من الأمراض المزمنة، بما في ذلك السمنة والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية. لكن عدم التوازن في هذه العلاقة يمكن أن يعرضنا لخطر الإصابة بأمراض التمثيل الغذائي المزمنة، وهي ما تصبح عبء على حياة الفرد والمجتمع.

ببساطة شديدة يمكننا تعريف (التمثيل الغذائي) بأنه الطريقة التي تدير بها أجسامنا الطاقة اللازمة لكافة العمليات الحيوية التي تتم داخل الجسم، أما الاستجابة المناعية فهي قدرة أجسامنا على الدفاع عن نفسها ضد مسببات الأمراض والمحافظة على توازن أنسجة الكائن الحي. هذه الوظائف المتنوعة للجهاز المناعي مكلفة من الناحية الحيوية، فالاستجابة المناعية القوية تعتمد على الطاقة، ولا يكون التمثيل الغذائي الخلوي ثابتًا أو يمكننا القول أنه ثابتاً لكنه عملية ديناميكية تعمل على تلبية متطلبات الطاقة الحيوية لأي خلية معينة في أي نقطة زمنية معينة.

تحكماً دقيقاً في مسارات التمثيل الغذائي الخلوي:

فقد أوضحت الدراسات التي أجريت على مدار العقد الماضي الأساس الجزيئي لكيفية تحكم الإشارات خارج الخلية في امتصاص العناصر الغذائية بالخلايا المناعية الهادئة والمنشَّطة، فلا يمكن المحافظة على الاستجابة المناعية إلا إذا تمكنت الخلايا المناعية من زيادة امتصاص الجلوكوز والأحماض الأمينية والأحماض الدهنية بشكل كبير، فإن تطوير الاستجابة المناعية الفطرية للعدوى تعتمد بشكل أساسي على الجلوكوز، وبالمثل فتكاثر الخلايا المناعية التكيفية يعتمد على الجلوتامين خارج الخلية.

في كلا السيناريوهين، تعتمد الاستجابة المناعية على الامتصاص المتزايد للمغذيات لغرضين مهمين، أولاً: لتكاثر الخلايا المناعية وتنشيطها، ثانيًا: لتوفير اللبنات الأساسية لتخليق الجزيئات اللازمة للإشارات خارج الخلايا. لذا فوظيفة الخلايا المناعية مرتبطة ارتباطا وثيقاً بعملية التمثيل الغذائي.

إذاً.. كيف يتم تنظيم هذه المسارات في الخلايا المناعية؟، وكيف تتحكم المفاتيح والمسارات الأيضية (التمثيل الغذائي) في مدة وشدة التنشيط المناعي الفطري أو التكيفي؟، وما يتبعها من تكوين خلايا الذاكرة، فتحكم عملية التمثيل الغذائي في استجابتنا المناعية تقدم نموذجاً جديداً في مجال علم المناعة، وبها يمكن أن تكون الاضطرابات الالتهابية أو اضطرابات المناعة الذاتية قابلة للعلاج الأيضي.

أثبتت العديد من الدراسات بوضوح أن التغيرات في التمثيل الغذائي الخلوي تؤثر على وظيفة الخلايا المناعية. وعلى العكس من ذلك، تحدد وظيفة الخلايا المناعية حالة التمثيل الغذائي الخلوي. ومع ذلك فإن تأثيرات التمثيل الغذائي الجهازي أو الحالة التغذوية الكاملة للكائن الحي على وظيفة الخلايا المناعية والتمثيل الغذائي لا تزال غير مفهومة جيداً.

أظهرت العديد من الدراسات أن نقص التغذية مرتبط بتثبيط المناعة مما يؤدي إلى زيادة التعرض للعدوى والتعرض لعدة أنواع من أمراض المناعة الذاتية، في حين أن الإفراط في التغذية يرتبط بإلتهاب مزمن منخفض الدرجة ويزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، كما أنه يعطل المناعة الوقائية.

لماذا تفشل الخلايا المناعية في القيام بوظائفها؟

في حالة تعرض الجسم للعدوى المزمنة أو الإصابة بالسرطان أو الاضطرابات الالتهابية، نجد أن الخلايا المناعية تصبح مستثارة بشكل متكرر مما يجعلها مجهدة، علاوة على أن الخلايا السرطانية تستهلك السكر والمواد الغذائية في بيئية الورم وتحرم منها الخلايا المناعية فيجعلها غير قادرة على القيام بوظائفها بشكل فعال، وربما يكون هذا عامل رئيسي في انتشار الورم.

الجديد في هذا السياق:

من هذا المنطلق يهتم الباحثين بإعادة النظر في الغرض من استخدام الأدوية المنظمة للتمثيل الغذائي مثل (الميتفورمين) الذي يستخدم في علاج مرض السكري في توظيفه – الغير متوقع – كمضاد للسرطان، وذلك عن طريق تحسين التمثيل الغذائي للخلايا المناعية مما يزيل إجهادها ويجعلها قادرة على القيام بوظائفها من جديد.

ما هي روشتة تقوية المناعة لمرضى السكري خاصة مع تغيير الفصول؟

  1. أولاً: علينا المواظبة على تناول الأدوية اللازمة لضبط مستوى السكر في الدم.
  2. ثانياً: الحرص على تناول الغذاء المتوازن الغني بكل العناصر الغذائية، خاصة البروتين، المسئول عن تكوين الأجسام المضادة لحماية الجسم.
  3. ثالثاً: المواظبة على تناول الأطعمة الغنية بالألياف الغذائية التي تبطئ امتصاص السكر في الدم وبالتالي تقي من انخفاضه أو ارتفاعه بشكل مفاجئ.
  4. رابعاً: الحرص على تناول الخضروات والفواكه الغنية بالفيتامينات والمعادن خاصة فيتامين سي ومضادات الأكسدة لدورهم في تقوية جهاز المناعة.
  5. خامساً: البصل والثوم من الأغذية الغنية بالمواد المضادة للأكسدة وتقوي جهاز المناعة لديك، كما يمكن أن يقللا حتى من خطر بعض أنواع السرطان.
  6. سادساً: الحرص على ممارسة التمارين الرياضية التي تساعد في انتظام مستوى السكر بالدم، كما تساهم في تنشيط الدورة الدموية مما يرفع كفاءة الجهاز المناعي.
  7. سابعاً: الحصول على عدد ساعات نوم كافية خاصة خلال ساعات الليل لأن ذلك يساهم في إفراز هرمون الكورتيزون الذي ينشط ليلاً، وهو مضاد للالتهابات، ويعزز وظائف جهاز المناعة.
  8. ثامناً: تجنب التعرض للضغوط النفسية والعصبية قدر المستطاع لدورها في اضطراب مستوى السكر في الدم والتأثير على كفاءة الجهاز المناعي.

دكتور/ منال محمد السيد
دكتوراة في علم المناعة – المركز القومي للبحوث
[email protected]


اكتشاف المزيد من مجلة رؤى

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × 5 =

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

اكتشاف المزيد من مجلة رؤى

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading