في المجتمعات الإسلامية تعد تربية الكلاب في المنزل مثار جدالات طويلة ما بين مؤيد ومعارض ، يستند المؤيدون لأسباب عاطفية غالباً فالكلاب حيوانات اجتماعية ذكية ودودة ووفية . بينما يستند الرأي المعارض إلى النهي الشرعي عن اقتناء الكلب وتربيته في المنزل حيث وردت بضعة أحاديث فيها ذم لإدخال الكلاب إلى المنزل لغير الحراسة أو الصيد أو رعاية الماشية :
عَنْ أبي طَلْحَةَ : أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَال “لا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلا صُورَةٌ” متفقٌ عليه.
للوهلة الأولى يبدو الأمر غريباً حقاً ، فالشرع الذي يخبرك أن رجلاً دخل الجنة في كلب سقاه وأباح أكل ما يمسك الكلب من صيد وسمح لك باقتنائه للحراسة هو ذاته من يأمرك بألا تقتنيه لغير الحراسة وينهاك عن تربيته داخل منزلك وتركه يتمدد على سريرك أو أريكتك فكيف يتفق هذا وذاك ؟!
أغلب الآراء حول الحكمة من هذا النهي انصبت على نجاسة الكلب أو المشاكل الصحية والأمراض التي قد تنقلها الكلاب عن طريق لعابها أو شعرها أو برازها أو عضات الكلب ، على سبيل المثال تذكر دراسة أن الكلاب والقطط وآكلات اللحوم مستودع للأمراض بسبب مناعتها القوية التي تجعلها قادرة على حمل أمراض فتاكة دون أن تتأثر بها لكنها قد تنقلها للبشر الأضعف مناعة.
ناقش البعض الآخر اثرها الاجتماعي في حالة إذا ما استخدمت لترويع الآمنين أو إزعاج الجيران بسبب نباحها، كل هذه مشاكل حقيقية لكن ما هو الأثر الاجتماعي لإدخال الكلاب في منزلك على أفراد الأسرة نفسها ؟
بالنظر للمجتمعات الغربية التي تبنت تربية الكلاب والحيوانات الأليفة على نطاق واسع وأصبح الكلب لديهم فرد من أفراد الأسرة بل وربما الأسرة بأسرها لبعض الناس !
إذا ما ذهبت إلى محرك البحث وكتبت باللغة الإنجليزية جملة “أحب كلابي أكثر من …” ستفاجأ بنتيجة مرعبة وثقافة منتشرة أشبه بظاهرة أكثر من كونها حالات فردية، عشرات القصص لآباء وأمهات يتحدثون صراحة عن كونهم يحبون كلابهم أكثر من أطفالهم، وأبناء يتحدثون عن حيوانات أليفة احتلت مكانة أفضل منهم في الأسرة، وصنف ثالث من الناس آثر الابتعاد عن البشر والأسرة والزواج الاكتفاء بصحبة الكلاب باعتبارها الكائن الوحيد الذي يستحق العيش معه!
“أحب كلابي أكثر من أطفالي” !
تربية الكلاب أسهل بكثير من تربية الأطفال ومصاحبة الكلاب أيسر من إقامة علاقات اجتماعية معقدة، نادرًا ما تتطلب الكلاب منا غير القليل من الطعام والاهتمام في حين تمنحنا الكثير من الحب والحفاوة غير المشروطة حتى أن الكلاب قد تحبك بغض النظر عن مدى سوء معاملتك لها .وهو ما يشبع الكثير من الشعور بالنرجسية لدى البشر.
وفي المقابل فإن الأطفال مثلاً عادة لا يفعلون ما تطلبه وهم متطلبون ، متمركزون حول الذات، صعبي المراس وتتطلب تربيتهم الكثير من الاهتمام بطعامهم ونظافتهم وصحتهم ومراقبتهم طوال الوقت لحمايتهم من الأخطار وحينما يكبروا تبدأ مرحلة أخرى من المسئوليات المادية والمعنوية مثل تعليمهم و تحقيق متطلباتهم و تحمل تذمرهم الذي لا ينتهي .
وهكذا فإن هذا المخلوق البسيط ربما يكون سبباً في تفكك المجتمع دون أن يقصد بسبب نزوع البشر لتجنب المنغصات وإشباع نرجسيتهم لا بسبب كونه حيوان سيء بالضرورة بل على العكس تماماً !
ماما الكلب !
قد يبدو هذا مجنوناً لكن في الواقع بدأ بعض الناس في تبني لغة جديدة حيث صاروا يستخدمون ألفاظ “ماما” أو “بابا” لوصف أنفسهم عند الحديث حول كلابهم وقططهم بل وصل الأمر إلى بلادنا العربية حيث صاروا يستخدمون كلمات مثل ولد وبنت في وصف حيواناتهم بدلاً من ذكر و أنثى !
كلب أمي أفضل مني !
يقول ريموند بيير أحد المتابعين على موقع كوارا
بالنسبة لي ، فقد نشأت في منزل مليونير مع آباء نباتيين ، أتضور جوعا كل يوم ، وكنت نحيفا. أحضرت أمي دجاجا طازجا للكلب ، وإذا تجرأت على تناول بعضاً منه كانت تصرخ على، توقف هذا طعام الكلب ! إنه أمر مثير للاشمئزاز حقاً وأراه في كل مكان بين العائلات البيضاء. الآن أنا أهاجمهم وأدعوهم نازيين. نعم كان هتلر نباتيا وأحب الحيوانات (أكثر من البشر)
ليس هذا فحسب ففضاء الإنترنت يغص بفيديوهات لآباء قصص تركوا أبناءهم مع الكلاب لإثبات وجهة نظرهم أنها لن تؤذيهم ، ومن اسوأ ما شاهدت فيديو لامرأة استرالية على ما أذكر هاجمت زوجها لأنه أراد قتل كلابها الشرسة بعد أن قامت بنهش وجه صغيرها وتسببت له في عاهة مستديمة صارخة لن تقتل كلابي لأجل ابنك!
خلاصة
تربية الكلاب تعزز الفردانية حتى أن الناس في العديد من البلدان الغربية صاروا يفضلون مرافقة الكلاب على الزواج والأسرة والإنجاب وما يترتب عليهم من تبعات ومسئولية وإنفاق، بشكل أو بآخر فإن تربية الحيوانات الأليفة و الكلاب داخل منزلك تحديداً ربما يكون لها اثر اجتماعي سلبي على البشر أكثر مما يبدو للوهلة الأولى.
اترك تعليقاً