زوكربيرج رئيساً للعالم ! -  ترجمة ابراهيم العلو


بقلم: جين لويس جاسي
ترجمة: ابراهيم عبدالله العلو

في سكن جامعة هارفرد وبعمر نضر لم يتجاوز العشرين عاماً أوجد مارك زوكربيرج إحدى أنجح الشركات في عصر الانترنت..

شاب يحظى بمحبة واحترام موظفيه ويتزعم أفضل الشركات إدارة في وادي السيليكون …

أصبحت فيس بوك اليوم هائلة القوة حتى انها تتحدى البنى السياسية القائمة وتهدد بثني إرادة الناس بطريقة غير ديموقراطية..

كنت فيما مضى شديد الاعجاب به واليوم أصبحت أخافه.

وإليكم السبب …

تمتد شركة فيس بوك العابرة للقارات اليوم على اتساع الكوكب ويبلغ عدد مشتركيها أكثر من ملياري إنسان وبلغت عائداتها عام 2016 مبلغ 27.6 مليار دولار وأكثر ب 54 % من عائدات عام 2015 … كما أنها بالغة الربحية (عوائد 37 %) وغنية السيولة مع 29 مليار دولار” في البنك ” …

اشتكت النظم الشيوعية الأوربية قبل عدة عقود من الشركات” العابرة للقارات ” حيث مكنها امتدادها في بلدان عديدة من تجنب المساءلة التامة في موقع ما.

وهذا بحد ذاته مفارقة غريبة إذا قورنت بالتعاون العابر للقارات للحزب الشيوعي الذي كان يستقي أوامره من موسكو. حيث شدا نشيده ” العالمي ” بأغنية التضامن الذي لا يعرف الحدود …

فقط نحن عمال العالم..
جيش العمل العظيم …
لنا الحق في امتلاك الأرض …
أما الطفيليين – فلا …

لدينا في فيس بوك كيان هائل القوة لا يملكه أو يسيطر عليه ” جيش العمل العالمي العظيم ” ولكن شخص وحيد – مارك زوكربيرج..
تذكروا كيف جلس هذا المفاوض الموهوب على الطاولة أمام المستثمرين ” ذوي المخالب الحادة ” وتمكن من جمع 1.5 مليار دولار قبل الطرح العلني الأولي لفيس بوك عام 2012 واحتفظ ب 27 % من أسهم الشركة لنفسه – مع حقوق تصويت مزدوجة – ونتيجة لذلك يستطيع بمفرده السيطرة على ما ابتدعه …

نلتفت الآن إلى أداء الشركة والذي يستحضر قولاً من عصر الانترنت: إذا كان المنتج مجانياً فأنت المنتج …

تحلل خوارزميات فيس بوك البالغة التطور كل ضغطة نضغطها في أي وقت من الأوقات وتسجل الزمن الذي نقضيه بمتابعة مادة ما وما يحبه أياً كان …
تخزن فيس بوك رسائلنا – وفعلياً تمتلكها – والصور التي ننشرها وفيديوهات العطلات التي نتبادلها …

ومن أجل ذلك حشدت فيس بوك بنيتها التحتية الخاصة وشبكة من المخدمات من تصميمها هي والتي أصبحت – أو يجب ان تكون – موضع حسد الجميع …

تعرف رسوم فيس بوك البيانية الاجتماعية عنا أكثر مما نعلم عن ذواتنا.. ولديها مقدرة غير محدودة على الاستدعاء في الزمان والمكان..
تباع هذه المعرفة المكررة والهائلة اليوم للمعلنين كسلاح استهداف محتمل وكطريقة فضلى لتناغم المنتجات مع المستهلكين الممكن إقناعهم …

إذاً ما الضير في ” الدعاية الذكية ” التي تساعد الزبائن على إيجاد أفضل شيء بأدنى سعر؟

فهذا المفهوم ليس جديداً:

وصلت جوجل هناك قبل فيس بوك ولكن إذا أمعنت النظر ستدرك أن الهدف الحقيقي للإعلان ليس البيع وإنما الاقناع وثني إرادة المستهدف لصالح المعلن. (وأحد المراجع الجيدة عن الأفكار المحبطة لهذا الأمر تتمثل في كتاب فانس باكارد : المقنعون المتخفون والذي نشر عام 1957 أي قبل 60 سنة )

ورغم أن إقناع المستهلك بشراء ماركة محددة من رغاوي الصابون يبدو أمراً مبتذلاً بحد ذاته يجب ان لا ننسى قوة خوارزميات فيس بوك.

تدفع الخوارزميات المستهلكين في اتجاه محدد من أجل التأثير على قرارات الشراء وتستطيع تحويل وجهتهم عن استنتاجات ” غير مرغوبة ” من خلال حقن معلومات جزئية متحيزة تبدل منظور المستخدم وتغير طريقة إدراكه للمنتج..
مثلاً تستطيع خوارزمية ما كتم معلومات مفضلة عن الأثار العلاجية لجذور الشعر الهالكة لشامبو معين وتحقن بدلاً عن ذلك سيلاً من الدراسات الحقيقية وليس اختلاقات مزيفة التي تبث الرعب عن السمية الطويلة الامد لسواغ معين …والنتيجة توقف قرار الشراء..
يبقى المستخدمون في فقاعات فردية تفصل حسب ما يعرضه فيس بوك عن مفضلاتهم ولا حاجة لمواجهة الازعاج ………..

ويمكن استثمار هذا الإحساس بالراحة وعلى الأخص في السياسة. تستطيع عملية مماثلة استدراج المستخدمين إلى فقاعة اجتماعية سياسية مريحة. إلى مجتمع من الأصدقاء ذوي ” التفكير الصحيح ” المتماثل. وبعد تأسيس هذه الثقة يمكن حقن معلومات متحيزة من أجل تغيير قرار تصويت مستهدف.

ولا يتطلب الأمر وجود معلومات مغلوطة فقط قليلا من الحقائق الثانوية غير المريحة تفي بالغرض إذا أعيد تكرارها وتردد صداها من مصادر غير مترابطة ظاهرياً أو من قبل متابعين من ذات المجموعة. ويتمكن التأثير ” الصحيح ” من عرض تصويتاً مخططاً بضوء جديد ويغير نتائج الانتخابات..
ربما يعترض عاقل على ذلك واننا قد جاوزنا الحد وان فيس بوك قد تلزم معلن ما لمستحضر تجميل ولكنها لن تتدخل بعملية انتخابية.

ودعونا نقرأ منشور فيس بوك لقصة نجاح شركة ” أفضل محتوى للتأثير على الناخبين ”

قصة نجاح

أفضل طريقة للتأثير على الناخبين

استخدم هذا الاستطلاع استراتيجية محتوى مصنوع خصيصاً لفيس بوك ليغير بشكل ملحوظ نية الناخب ولزيادة أفضلية مرشح للكونجرس من بنسلفانيا يسعى لإعادة انتخابه.

10.5 نقطة: زيادة في نية الناخب بين الاشخاص بعمر 55 إلى 64 سنة عند استخدام منتج مصنوع خصيصاً لفيس بوك.

19.4 نقطة: زيادة في نية الناخب بين النساء بعمر45 إلى 54 سنة عند استخدام منتج مصنوع خصيصاً لفيس بوك

13.1 نقطة: زيادة في نية الناخب بين الرجال بعمر 55 إلى 64 سنة عند استخدام منتج مصنوع خصيصاً لفيس بوك.

43% أعلى عند تقييم المشاهدة الثانية عند استخدام منتج مصنوع خصيصاً لفيس بوك بالمقارنة مع الفيديوهات.

دعنا نفكر بذلك مرة ثانية:

ففيس بوك ليست مسؤولة تجاه أحد سوى مارك زوكربيرج: رجل هائل الذكاء وبعيد النظر تبيع شركته ادوات الإقناع لمصنعي المواد الاستهلاكية (والصناعية) وقطاع الخدمات …

وهذه الادوات خفية مدفونة في احشاء مخدمات فيس بوك وهي خوارزميات كامدة تتظاهرً بالموضوعية – انها ارقام حزم مجردة – رغم انها مصممة ومضبوطة من قبل البشر.

نشهد اليوم منظور فيس بوك وهو يبيع النفوذ السياسي لمن يدفع أكثر وأسوأ من ذلك إلى المزايد الذي يعتبر ” الأصح” تبعاً لذوق وأهداف رئيس مجلس إدارة الشركة.

هل كان قرار زوكربيرج زيارة الولايات الخمسين هذا العام مقدمة للترشح للرئاسة كما تكهن الكثيرون؟

وماذا نستنتج من تخصيص زوكربيرج طاقما كاملا لتزويق صفحته اضافة إلى صوره وصور أفراد أسرته؟

أم انها الـ 5735 كلمة التي تشكل بيان ” بناء المجموعة العالمية”؟

لا اجزم ان مبتدع فيس بوك يريد ازعاجات الترشح للرئاسة.

إنه بحق زعيم عابر للقارات بلا انتخاب.

وسوف يكون من المثير للاهتمام رؤية ردود أفعال التماسيح القديمة على هذا المخلوق الجديد ………….

المصدر

MONDAY NOTE
MARCH 5, 2017
Zukerberg World President
By Jean –louis Gassee

اكتشاف المزيد من مجلة رؤى

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة عشر − 1 =

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

اكتشاف المزيد من مجلة رؤى

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading